الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والدعوة إليه.
وبين النوعين من الفضل ما لا يحصيه إلا الله فمتى توكل عليه العبد في النوع الثاني حق توكله كفاه النوع الأول تمام الكفاية ومن توكل عليه في النوع الأول دون الثاني كفاه أيضا، لكن لا يكون له عاقبة المتوكل عليه فيما يحبه ويرضاه، فأعظم التوكل عليه: التوكل في الهداية وتجريد التوحيد ومتابعة الرسول وجهاد أهل الباطل"
(1)
.
4 - أقسام التوكل على غير الله:
قال حاتم الأصم سمعت شقيق البلخي يقول: "لكل واحد مقامٌ؛ فمتوكل على ماله، ومتوكل على نفسه، ومتوكل على لسانه، ومتوكل على سيفه، ومتوكل على سلطنته، ومتوكل على الله عز وجل. فأما المتوكل على الله عز وجل؛ فقد وجد الاسترواح، نوّه الله به ورفع قدره، وقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58] وأما من كان مستروحًا إلى غيره يوشك أن ينقطع به فيشقى"
(2)
.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "فالقلب لا يتوكل إلا على من يرجوه، فمن رجا قوته أو عَمَله أو عِلمه أو حاله أو صديقه أو قرابته أو شيخه أو ملكه أو ماله، غير ناظر إلى الله؛ كان فيه نوع توكل على ذلك السبب، وما رجا أحد مخلوقًا أو توكل عليه إلاخاب ظنه فيه، فإنه مشُرك. قال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31] "
(3)
.
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله: "لكن التوكل على غير الله قسمان:
أحدهما: التوكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله كالذين يتوكلون على
(1)
الفوائد لابن القيم ص 86.
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب، ح: 1297 (2/ 105)، وأبو نعيم في الحلية 8/ 61.
(3)
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 10/ 257.
الأموات والطواغيت في رجاء مطالبهم من النصر والحفظ والرزق والشفاعة فهذا شرك أكبر فإن هذه الأمور ونحوها لا يقدر عليها إلا الله تبارك وتعالى.
الثاني: التوكل في الأسباب الظاهرة العادية كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما جعله الله بيده من الرزق أو دفع الأذى ونحو ذلك فهذا نوع شرك خفي.
والوكالة
(1)
الجائزة هي توكل الإنسان في فعل مقدور عليه. لكن ليس له أن يتوكل عليه وإن وكله. بل يتوكل على الله ويعتمد عليه في تيسير ما وكله فيه كما قرره شيخ الإسلام"
(2)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "التوكل على الغير فيما يتصرف فيه المتوكل بحيث ينيب غيره في أمر تجوز فيه النيابة فهذا لا بأس به بدلالة الكتاب والسنة والإجماع، فقد قال يعقوب لبنيه {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [يوسف: 87] ووكل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة عمالًا وحفاظًا، ووكل في إثبات الحدود وإقامتها، ووكل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هديه في حجة الوداع أن يتصدق بجلودها وجلالها، وأن ينحر ما بقي من المئة بعد أن نحر صلى الله عليه وسلم بيده ثلاثًا وستين. وأما الإجماع على جواز ذلك فمعلوم من حيث الجملة"
(3)
.
وقال رحمه الله: "ومع وجود الأسباب الشرعية الصحيحة ينبغي للإنسان أن لا يعلق نفسه بالسبب بل يعلقها بالله، فالموظف الذي يتعلق قلبه بمرتبه تعلقا كاملا مع الغفلة عن المسبب وهو الله فهذا نوع من الشرك أما إذا اعتقد أن المرتب سبب والمسبب هو الله سبحانه وتعالى فهذا لا ينافي التوكل، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يأخذ بالأسباب مع
(1)
الوكالة في الشرع: "إقامةُ الشخصِ غيَره مقام نفسه مطلقًا أو مقيدًا" فتح الباري 4/ 559، 5/ 201.
(2)
تيسير العزيز الحميد ص 497، 498. وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية 10/ 257.
(3)
شرح ثلاثة الأصول من مجموع فتاوى ابن عثيمين 6/ 55.