الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلم بالحديث، مع أن جاهه عند الله -تعالى- أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين"
(1)
.
الشبهة الرابعة:
الحديث الذي فيه توسل آدم عليه السلام في تربته بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد جاء في المستدرك عن عمر بن الخطاب مرفوعًا: "لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال: يا آدم! وكيف عرفت محمدًا ولم أخلقه؟ قال يا رب لما خلقتني بيدك، ونفخت في من روحك رفعت رأسي، فرأيت على قوائم العرش مكتوبًا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إياك، فقال: غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك"
(2)
. أخرجه الحاكم وقال فيه: صحيح الإسناد وتعقبه الذهبي بقوله: "بل موضوع وعبد الرحمن واهٍ، وعبد الله بن أسلم الفهري لا أدري من ذا"
(3)
.
وقد قال ببطلان هذا الخبر جماعة من الحفاظ كابن تيمية وابن عبد الهادي.
قال الإمام ابن تيمية: "ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أُنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في كتاب [المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم]: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه.
قلت -القائل ابن تيمية-: وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيرًا، ضعفه أحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والدارقطني وغيرهم، وقال أبو حاتم بن حبان: كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم، حتى كثر ذلك من
(1)
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص 168.
(2)
المستدرك: 2/ 615.
(3)
التلخيص للحافظ الذهبي حاشية على المستدرك على الصحيحين 2/ 615.
روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقف فاستحق الترك.
وأما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث وأمثاله فهذا مما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث وقالوا: إن الحاكم يصحح أحاديث وهي موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث"
(1)
.
وقال الحافظ ابن عبد الهادي: "إنه حديث غير صحيح لا ثابت، بل هو حديث ضعيف الإسناد جدًا، وقد حكم عليه بعض الأئمة بالوضع"
(2)
.
وقال الشيخ الألباني: "ومما يؤيد ما ذهب إليه العلماء من وضع هذا الحديث وبطلانه أنه يخالف القرآن الكريم في موضعين منه:
الأول: أنه تضمن أن الله تعالى غفر لآدم بسبب توسله به صلى الله عليه وسلم،والله عز وجل يقول:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)} [البقرة: 37]. وقد جاء تفسير هذه الكلمات عن ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما بما يخالف هذا الحديث، فأخرج الحكم (3/ 545) عنه: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ
…
} قال: أي رب! ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى. قال: ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال: بلى. أي رب! ألم تسكنّي جنتك؟ قال: بلى. قال: ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى. قال أرأيت إن تبت وأصلحت، أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى. قال: فهو قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} . وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وقد قيل في تفسير هذه الكلمات: إنها ما في الآية الأخرى: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [الأعراف: 23]. وبهذا جزم السيد رشيد رضا في تفسيره (1/ 279). لكن أشار ابن كثير (1/ 81) إلى تضعيفه، ولا
(1)
مجموع الفتاوى: 1/ 254 - 255.
(2)
الصارم المنكي ص 60، 61. ط. إدارة البحوث العلمية والإفتاء ..