الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - الإطراء
*
[الغلو - التنطع]
الإطراء في اللغة: المدح، وقال الفيومي:"طريت فلانًا مدحته بأحسن ما فيه، وقيل: بالغت في مدحه وجازوت الحد"
(1)
. وقال ابن الأثير: "الإطراء: المبالغة في المدح والإسراف بما ليس في الممدوح"
(2)
. وقال ابن حجر: "الإطراء: المدح بالباطل"
(3)
.
وفي الشرع: قال الإمام البغوي: "هو المبالغة في المدح والتعظيم والكذب فيه"
(4)
* الدليل من السنة: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فإِنَّمَا أَنَا عَبْده، فَقُولُوا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ"
(5)
.
*
أقوال العلماء:
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "وقوله: "إنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبدُ الله ورسوله) أي: لا تمدحوني فتغلوا في مدحي، كما غلت النصارى في عيسى عليه السلام، فادّعَوا فيه الإلهية، وإنما أنا عبدُ الله، فصفوني بذلك كما وصفني ربي، فقولوا:
* تيسير العزيز الحميد ص 314. فتح المجيد ص 254. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 151. القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 1/ 374، ط 2 - 1/ 475 ومن المجموع 9/ 363. الدين الخالص حسن القنوجي 2/ 273، 4/ 456.
(1)
المصباح المنير ص 193.
(2)
جامع الأصول 4/ 97.
(3)
فتح الباري 6/ 565.
(4)
شرح السنة 13/ 246.
(5)
البخاري (3445)، ومسلم (1691).
عبدُ الله ورسوله. فأبى المشركون إلا مخالفة أمره، وارتكاب نهيه، فعظّموه بما نهاهم عنه وحذَّرهم منه، وناقضوه أعظم مناقضة، وضاهوا النصارى في غُلُّوهم وشركهم، ووقعوا في المحذور، وجرى منهم من الغلو والشرك شعرًا ونثرًا ما يطولُ عدُّه، وصنَّفوا فيه المصنفات.
وقد ذكر شيخُ الإسلام عن بعض أهل زمانه: أنه جوَّز الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم في كلِّ ما يُستغاث فيه بالله. وصنَّف في ذلك مصنفًا، ردَّه شيخ الإسلام، وردُّه موجودٌ بحمد الله"
(1)
.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وهذا النهي يحتمل انه مُنصَبّ على هذا التشبيه، وهو قوله: "كما أطرت النصارى ابن مريم"، حيث جعلوه إلهًا أو ابنًا لله، وبهذا يوحي قول البوصيري:
دع ما ادَّعته النصارى في نبيهم
…
واحكم بما شئت مدحًا فيه
أي دع ما قاله النصارى أن عيسى عليه السلام ابن الله أو ثالث ثلاثة والباقي املأ فمك في مدحه ولو بما لا يرضيه.
ويحتمل أنّ النهي عام؛ فيشمل ما يشابه غلو النصارى في عيسى بن مريم وما دونه، ويكون قوله (كما أطرت) لمطلق التشبيه لا للتشبيه المطلق؛ لأنَّ إطراء النصارى عيسى بن مريم سببه الغلو في هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حيث جعلوه ابنًا لله وثالث ثلاثة، والدليل على أن المراد هذا قوله:"إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله""
(2)
.
وفي هذا الحديث النهي عن مدح النبي صلى الله عليه وسلم المدح الزائد عن منزلته لأن الغلو قد يؤدي إلى الشرك بالله كما صار للنصارى.
(1)
فتح المجيد، ص 254.
(2)
القول المفيد من مجموع فتاوى ابن عثيمين 9/ 375.