الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعصومية: "اعلم أنه إلى عام 678 هـ لم تكن هناك قبة على الحجرة النبوية التي فيها قبره صلى الله عليه وسلم وإنما عملها وبناها الملك الظاهر المنصور قلاوون الصالحي في تلك السنة 678 هـ فعملت تلك القبة.
قلت
(1)
: إنما فعل ذلك لأنه رأى في مصر والشام كنائس النصارى المزخرفة فقلَّدهم جهلًا منه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وسنته كما قلدهم الوليد في زخرفة المسجد فتنبه
…
ثم قال: إن عمل قلاوون هذا مخالف قطعًا للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الجهل بلاء عظيم، والغلو في المحبة والتعظيم وباء جسيم، والتقليد للأجانب داء مهلك، فنعوذ بالله من الجهل، ومن الغلوِّ، ومن التقليد للأجانب"
(2)
.
*
حكم هدم القباب المبنية على القبور:
قال ابن القيم: "فمن الأنصاب ما قد نصبه الشيطان للمشركين من شجرة، أو عمود، أو وثن أو قبر، أو خشبة، أو عين، ونحو ذلك. والواجب هدم ذلك كله، ومحو أثره كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليًا رضي الله عنه
(3)
بهدم القبور المشرفة وتسويتها بالأرض. كما روى مسلم في صحيحه عن أبي الهيّاج الأسدي قال: قال لي علي رضي الله عنه: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته". وعمَّى الصحابةُ بأمر عمر رضي الله عنه قبر دانيال وأخفوه عن الناس.
ولما بلغه أن الناس ينتابون الشجرة التي بايع تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه
(1)
القائل العلامة محمد سلطان المعصومي الحنفي.
(2)
المشاهدات المعصومية ص 48.
(3)
قال الشيخ حامد الفقي رحمه الله: "ومن أعجب كيد الشيطان أن عليًا رضي الله عنه هو الذي كان يهدمها بأمر رسول الله. ثم أقيمت وأعيد بناؤها محادة لله ولرسوله باسم علي وأولاد علي. وهم والله برآء من ذلك" ا. هـ من حاشية له في تحقيق إغاثة اللهفان ص 1/ 209.
أرسل فقطعها. رواه ابن وضاح في كتابه فقال: سمعت عيسى ابن يونس يقول: أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم فقطعها لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها فخاف عليهم الفتنة.
قال عيسى بن يونس: وهو عِنْدَنا من حديث ابن عون عن نافع: "أن الناس كانوا يأتون الشجرة، فقطعها عمر رضي الله عنه".
فإذا كان هذا فعل عمر رضي الله عنه بالشجرة التي ذكرها الله تعالى في القرآن، وبايع تحتها الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فماذا حكمه فيما عداها من هذه الأنصاب والأوثان، التي قد عظمت الفتنة بها، واشتدت البلية بها؟.
وأبلغ من ذلك: أن رسول صلى الله عليه وسلم هدم مسجد الضرار. ففي هذا دليل على هدم ما هو أعظم فساد منه كالمساجد المبنية على القبور فإن حكم الإسلام فيها أن تهدم كلها حتى تسوى بالأرض. وهي أولى بالهدم من مسجد الضرار وكذلك القباب التي على القبور يجب هدمها لأنها أسست على معصية الرسول؛ لأنه قد نهى عن البناء على القبور. كما تقدم. فبناء أسس على معصيته ومخالفته بناء غير محترم. وهو أولى بالهدم من بناء الغاصب قطعًا.
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدم القبور المشرفة كما تقدم، فهدم القباب والبناء والمساجد التي بنيت عليها أولى وأحرى؛ لأنه لعن متخذي المساجد عليها، ونهى عن البناء عليها، فيجب المبادرة والمسارعة إلى هدم ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله. والله عز وجل يقيم لدينه وسنة رسوله من ينصرهما، ويذب عنهما. فهو أشد غيرة وأسرع تغييرًا"
(1)
.
قال الإمام أبو بكر الطرطوشي: "انظروا -رحمكم الله تعالى- أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس، ويعظمونها، ويرجون البرء والشفاء من قبلها، ويضربون
(1)
إغاثة اللهفان ص 1/ 210.