الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العظيمة إلى معان باطلة لا تدل عليها كما يفعله الذين يُؤولونها عن معانيها إلى معان اخترعوها. ويدخل في الإلحاد التعطيل والتمثيل والتفويض والتكييف والتحريف فكل من مال عن معنى حقيقة الصفة إلى غيرها فقد ألحد فيها فمستقل ومستكثر نسأل الله تعظيم أسمائه وصفاته
(1)
.
حكم جحود شيء من الأسماء والصفات من غير تأويل:
روى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس أنه رأى رجلا انتفض لما سمع حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكارا لذلك فقال: ما فَرَقُ هؤلاء؟ يجدون رقّة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه"
(2)
. اهـ.
ويفهم من أثر ابن عباس أن من رد شيئًا من نصوص الصفات أو استنكره بعد صحته فهو من الهالكين.
وقال عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله: "ونكفّر الجهمية بكفر مشهور، وهو تكذيبهم بنص الكتاب، أخبر الله تبارك وتعالى أن القرآن كلامه، وادعت الجهمية أنه خلقه، وأخبر الله تبارك وتعالى أنه كلم موسى تكليمًا، وقال هؤلاء لم يكلمه الله بنفسه ولم يسمع موسى نفس كلام الله إنما سمع كلامًا خرج إليه من مخلوق
…
، وقال الله تبارك وتعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64]، وقال هؤلاء الجهمية: ليس لله يد، وما خلق آدم بيده، وإنما يداه نعمتاه ورزقاه، فادعوا في يدي الله أوحش مما ادعته اليهود؛ قالت اليهود:{يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} ، وقالت الجهمية يد الله مخلوقة؛ لأن النعم والأرزاق مخلوقة لا شك فيها، وذلك محال في كلام العرب، فضلا أن يكون كفرًا؛ لأنه يستحيل أن يقال خلق آدم بنعمته .. "
(3)
.
(1)
للاستزادة انظر باب (الإلحاد).
(2)
المصنف (20895)، والسنة لابن أبي عاصم (485)(1/ 12).
(3)
الرد على الجهمية، ص 200 - 201.
وقال أبو العباس السراج: "من لم يقر ويؤمن بأن الله تعالى يعجب، ويضحك، وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: "من يسألني فأعطيه" فهو زنديق كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين"
(1)
.
وقال الذهبي -معلقًا-: "إنما يكفر بعد علمه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك، ثم إنه جحد ذلك ولم يؤمن به"
(2)
.
وأَخْرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِيّ عَنْ يُونُس بْن عَبْد الأَعْلَي سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول: "لِلَّهِ أَسْمَاء وَصِفَات لا يَسَعُ أَحَدًا رَدُّهَا، وَمَنْ خَالَفَ بَعْد ثُبُوت الْحُجَّة عَلَيْهِ فَقَدْ كَفَرَ، وَأَمَّا قَبْل قِيَام الْحُجَّة فَإِنَّهُ يُعْذَر بِالْجَهْلِ، لأَنَّ عِلْم ذَلِكَ لا يُدْرَك بِالْعَقْلِ وَلا الرُّؤْيَة وَالْفِكْر، فَنُثْبِتُ هَذ الصِّفَات وَنَنْفِي عَنْهُ التَّشْبِيه كَمَا نَفَى عَنْ نَفْسه، فَقَالَ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] "
(3)
.
وقال الآجري: "وكان مما بينه صلى الله عليه وسلم لأمته أنه أعلمهم في غير حديث: "إنكم ترون ربكم عز وجل" ورواه جماعة من صحابته رضي الله عنهم، وقبلها العلماء عنهم أحسن القبول، كما قبلوا عنهم علم الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وعلم الحلال والحرام، كذا قبلوا منهم الأخبار أن المؤمنين يرون الله عز وجل، لا يشكون في ذلك، ثم قالوا: من رد هذه الأخبار فقد كفر"
(4)
.
ويقول ابن قدامة المقدسي رحمه الله في معرض كلامه عن الاستواء:"والجحود به
(1)
مختصر العلو ص 232، وانظر سير أعلام النبلاء 14/ 396.
(2)
المصدر السابق ص 232.
(3)
اجتماع الجيوش الإسلامية ص 94، فتح الباري 13/ 418 باب قوله وكان عرشه على الماء عند شرح الحديث رقم (7426).
(4)
الشريعة 227.