الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كفر لأنه ردٌّ لخبر الله، وكفر بكلام الله، ومن كفر بحرف متفق عليه فهو كافر، فكيف بمن كفر بسبع آيات، ورد خبر الله تعالى في سبعة مواضع من كتابه"
(1)
.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "فمن جحد شيئًا من أسماء الله وصفاته من الفلاسفة، والجهمية والمعتزلة ونحوهم، فله نصيب من الكفر بقدر ما جحد من الاسم أو الصفة، فإن الجهمية والمعتزلة ونحوهم، وإن كانوا يقرون بجنس الأسماء والصفات فعند التحقيق لا يقرون بشيء، لأن الأسماء عندهم أعلام محضة، لا تدل على صفات قائمة بالرب تبارك وتعالى وهذا نصف كفر الذين جحدوا اسم الرحمن"
(2)
.
وقال الشيخ السعدي: "فمن جحد شيئًا من أسماء الله وصفاته فقد أتى بما يناقض التوحيد وينافيه، وذلك من شعب الكفر"
(3)
.
*
وهذه المسألة فيها تفصيل:
فمن أنكر شيئًا من أسماء الله وصفاته أو آية من كتابه مع علمه بها فهو كافر والعياذ بالله.
قال الشيخ ابن عثيمين: "الجحد: الإنكار، والإنكار نوعان:
الأول: إنكار تكذيب وهذا كفر بلا شك، فلو أن أحدا أنكر اسما من أسماء الله أو صفة من صفاته الثابتة في الكتاب والسنة مثل أن يقول ليس لله يد، أو أن الله لم يستو على عرشه أو ليس له عين فهو كافر بإجماع المسلمين، لأن تكذيب خبر الله ورسوله كفر مخرج عن الملة بالإجماع.
الثاني: إنكار تأويل وهو أن لا يذكرها ولكن يتأولها إلى معنى يخالف ظاهرها
(1)
ذم التأويل ص 26 تحقيق البدر.
(2)
تيسير العزيز الحميد ص 582.
(3)
القول السديد ص 116.
وهذا نوعان:
الأول: أن يكون للتأويل مسوغ في اللغة العربية فهذا لا يوجب الكفر.
الثاني: أن لا يكون له مسوغ في اللغة العربية، فهذا حكمه الكفر؛ لأنه إذا لم يكن له مسوغ صار قي الحقيقة تكذيبًا، مثل أن يقول: المراد بقوله تعالى {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] تجري بأراضينا، فهذا كافر؛ لأنه نفاها نفيًا مطلقًا، فهو مُكذِّب، ولو قال في قوله تعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة. 64] المراد بيديه: السماوات والأرض؛ فهو كفر أيضًا لأنه لا مسوغ له في اللغة العربية، ولا هو مقتضى الحقيقة الشرعية؛ فهو مُنكر ومكذِّب، لكن إن قال: المراد باليد النعمة أو القوة، فلا يكفر لأن اليد في اللغة تطلق بمعنى النعمة، قال الشاعر:
وكم لظلام الليل عندك من يد
…
تُحدِّثُ أن المانوية تكذبُ"
(1)
قال الإمام ابن تيمية: "من قال إن الله لم يكلم موسى تكليما، فهذا إن كان لم يسمع القرآن، فإنه يعرف أن هذا نص القرآن، فإن أنكره بعد ذلك استتيب، فإن تاب وإلا قتل، ولا يقبل منه إن كان كلامه بعد أن يجحد نص القرآن، بل لو قال إن معنى كلامي إنه خلق صوتا في الهواء فاسمعه موسى كان كلامه أيضًا كفرًا، وهو قول الجهمية الذين كفّرهم السلف، وقالوا يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا، ولكن من كان مؤمنا بالله ورسوله مطلقًا، ولم يبلغه من العلم ما يبين له الصواب، فإنه لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي من خالفها كفر، إذ كثير من الناس يخطئ فيما يتأوله من القرآن، ويجهل كثيرا مما يرد من معاني الكتاب والسنة، والخطأ والنسيان مرفوعًا عن هذه الأمة، والكفر لا يكون إلا بعد البيان"
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى لابن عثيمين 10/ 765. وانظر: القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 2/ 291.
(2)
مجموع الفتاوى ص 12/ 523، 524.