الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
96 - التوسل
*
التوسل في اللغة: مأخوذ من الوسيلة وهي المنزلة عند الملك، والوسيلة: الدرجة
(1)
، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو .. "
(2)
.
وتطلق الوسيلة ويراد بها القربة، وهذا مأثور عن ابن عباس وعطاء ومجاهد والفراء
(3)
، ويقال وسل فلان إلى الله وسيلة إذا عمل عملا تقرب به إليه، قال أبو
* قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص 17. الاستغاثة لابن تيمية ص 336. اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 772، 774، 787. مجموع فتاوى شيخ الإسلام 1/ 290. إغاثة اللهفان 1/ 201، 217. فتح الباري 13/ 350.الدرر السنية 1/ 232، 2/ 185، 193، 3/ 361، 10/ 223، 267، جلاء العينين في محاكمة الأحمدين لابن الألوسي السيد نعمان خير الدين. صيانة الإنسان للسهسواني ص 205.الدين الخالص لصديق حسن 2/ 179، 4/ 22، 51. قطف الثمر صديق حسن ص 108، 112.التوصل إلى حقيقة التوسل محمد نسيب الرفاعي. التوسل أنواعه وأحكامه للشيخ محمد ناصر الدين الألباني. تيسير العزيز الحميد ص 645. فتح المجيد ص 527.حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 337. مجموع فتاوى ابن عثيمين 10/ 1100. وانظر القول المفيد ط 2 - 3/ 90. فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 330. مجموع الفتاوى لابن باز 3/ 945. مجموع الفتاوى لابن عثيمين 2/ 335. 5/ 277، 288. 7/ 212. نور على الدرب لابن باز 38، 183، 195. مجموع الفوائد واقتناص الأوابد للسعدي ص 228. نور على الدرب ص 38، 183، 195. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 69. هذه مفاهيمنا للشيخ صالح آل الشيخ 11، منهج الإمام مالك في العقيدة ص 314.الآثار الواردة في سير أعلام النبلاء د: جمال بن أحمد 2/ 185. الجيلاني وآراؤه الاعتقادية ص 443. جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية ص 3437، 1123، 1455، 1459، 1469.الشيخ السعدي وجهوده في توضيح العقيدة للعباد ص 176. التبرك د: ناصر الجديع ص 395 الفوائد الجلية لسيد غباشي. دعاوى المناوئين للشيخ عبد العزيز آل عبد الطيف.
(1)
لسان العرب (و س ل).
(2)
أخرجه مسلم (384).
(3)
زاد المسير (2/ 348)، تفسير ابن كثير 2/ 55.
عبيدة: يقال توسلت إليه أي تقربت إليه وأنشد:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا
…
وعاد التصافي بيننا والوسائل
والواسل: "الراغب إلى الله"
(1)
.
قال في النهاية: "الوسيلة هي في الأصل ما يتوصل به إلى شيء ويتقرب به وجمعها وسائل يقال وسل إليه وسيلة وتَوَسَّل والمراد به في الحديث القُربُ من الله تعالى. وقيل: هي الشفاعة يوم القيامة وقيل هي منزلة من منازل الجنة كما جاء في الحديث"
(2)
.
التوسل شرعًا: "هو التقرب إلى الله تعالى بطاعته وعبادته وباتباع رسوله، وبكل عمل يحبه ويرضاه"
(3)
.
قال ابن عثيمين رحمه الله: "هي التقرب إلى الله بطاعته، وهذا يدخل فيه كل ما أمرنا الله به ورسوله"
(4)
.
وقال صاحب القول الجلي في حكم التوسل بالنبي والولي: "اعلم أن التوسل المشروع الذي شرعه الله على لسان نبيه المتبوع إنما هو بالتقرب إلى الله تعالى بما شرعه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من علم أو عمل قلبي أو بدني أو ترك وكف عن عمل محظور فيدخل فيه جميع الطاعات وترك جميع المعاصي امتثالًا لأمر الشارع"
(5)
.
وقال الشيخ صالح آل الشيخ: "الوسيلة: التقرب إلى الله بأنواع القرب والطاعات وأعلاها إخلاص الدين له والتقرب إليه بمحبته ومحبة رسوله ومحبة دينه ومحبة
(1)
انظر: لسان العرب، القاموس المحيط (و س ل)، زاد المسير (2/ 348).
(2)
النهاية في غريب الحديث (و س ل).
(3)
انظر التوصل إلى حقيقة التوسل ص 20.
(4)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 1/ 247.
(5)
القول الجلي تأليف محمد بن أحمد بن محمد عبد السلام خضر ص 28.
من شَرَع حبه، بهذا يجمع ما قاله السلف، وقولهم من اختلاف التنوع"
(1)
.
* الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)} [المائدة: 35]. وقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57)} [الإسراء: 56 - 57]. وقد تقدم عن جمع من السلف تفسير الوسيلة بالقربة.
وقال قتادة وعطاء والسدي وغيرهم في قوله: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} أي: "تقربوا إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه"
(2)
.
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "فالوسيلة التي أمر الله أن تبتغي إليه وأخبر عن ملائكته وأنبيائه أنهم يبتغونها إليه هي ما يتقرب إليه من الواجبات والمستحبات فهذه إلوسيلة التي أمر الله المؤمنين بابتغائها تتناول كل واجب ومستحب، وما ليس بواجب ولا مستحب لا يدخل في ذلك سواء كان محرمًا أو مكروهًا أو مباحًا
…
"
(3)
.
وقال الشيخ الأمين الشنقيطي: "اعلم أن جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا
(4)
هو القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بإخلاص في ذلك لله تعالى، لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضا
(1)
هذه مفاهيمنا (ص 12).
(2)
انظر: تفسير القرطبي: 6/ 159، وتفسير ابن كثير: 2/ 55.
(3)
مجموع الفتاوى 1/ 199.
(4)
يعني قوله تعالى:+ وابتغوا إليه الوسيلة.
الله تعالى ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة"
(1)
.
قال السعدي: "وذلك يشمل التقرب إلى الله بالواجبات والمستحبات وكذلك التقرب إليه بترك المحرمات والمكروهات"
(2)
.
أقسام التوسل: التوسل قسمان:
1 -
توسل مشروع.
…
2 - توسل ممنوع.
1 -
أما التوسل المشروع: فهو كل توسل دل على مشروعيته نص من الكتاب أو السنة، وهو أنواع أربعة:
النوع الأول: توسل بالله تعالى: وهو إما توسل بأسمائه الحسنى، وإما بصفاته العلى.
ودليله من القرآن قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)} [الأعراف: 180].
قال أبو يوسف عن الإمام أبي حنيفة -رحمهما اللهُ تعالى-: "لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به"
(3)
.
قال الإمام الصنعاني رحمه الله: "والمعروف كتابًا وسنةً أن نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته، وهذا هو أحد التأويلين في قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]
(4)
.
ودليله من السنة: ما روى عبد الله بن بريدة رضي الله عنه عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد
(1)
أضواء البيان: 2/ 86.
(2)
الفتاوى السعدية: ص 23.
(3)
شرح الفقه الأكبر على علي قاري: ص 198. ومجموع الفتاوى 1/ 202. وإغاثة اللهفان لابن القيم 1/ 216.
(4)
الإنصاف في حقيقة الأولياء ص 49.
الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. فقال: "لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب"
(1)
.
قال الألباني: "فهذه الأحاديث وما شابهها تُبيّن مشروعية التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفة من صفاته، وأن ذلك مما يحبه الله ويرضاه"
(2)
.
النوع الثاني: توسل المؤمن إلى الله تعالى بأعماله الصالحة.
ودليله من القرآن: قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)} [البقرة: 127 - 128]. وقول الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} [آل عمران: 16].
ودليله من السنة: قصة أصحاب الكهف الثلاثة الذين توسلوا إلى الله بأعمالهم الصالحة الخالصة لوجهه الكريم ففرج الله عنهم الصخرة.
ومن الأدلة أيضًا ما روى عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم"
(3)
.
وهذا فيه الاعتراف بالذنب والندم عليه وهو داخل في العمل الصالح الذي يتقرب به إلى الله تعالى.
النوع الثالث: توسل المؤمن إلى الله تعالى بدعاء النبيين أو الصالحين وسائر المؤمنين وذلك في حياتهم: سواء طلب من أخيه الدعاء له كأن يقول مثلا: ادع الله
(1)
أخرجه أبو داود (1493) وابن ماجه (3857).
(2)
التوسل أنواعه وأحكامه ص 32.
(3)
أخرجه البخاري (834)(6326)، ومسلم (2705).
لي أن يعافيني أو يقضي حاجتي وما أشبه ذلك أو دعا المؤمن لأخيه دونما طلب منه كأن يراه مثلا في ضيق فيدعو الله أن يفرج عنه سواء في حضوره أو في ظهر الغيب أو كصلاة الجنازة والدعاء عند زيارة القبور لأهل القبور. فالمسلمون كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء نبيهم عليه الصلاة والسلام في حياته في الاستسقاء وغيره فكان يدعو لهم فتستجاب دعوته. قال الألوسي: "وطلب الدعاء من المخلوق لا شك في جوازه إن كان المطلوب منه حيًا، ولا يتوقف على أفضليته من الطالب، بل قد يطلب الفاضل من المفضول، فقد صح أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه لما استأذنه في العمرة: "لا تنسنا يا أخي من دعائك" وأمره أيضًا أن يطلب من أويس القرني رحمة الله تعالى عليه أن يستغفر له. وأمر أمته صلى الله تعالى عليه وسلم بطلب الوسيلة له، وبأن يصلوا عليه"
(1)
.
ونقل الشيخ ابن باز رحمه الله إجماع أهل العلم على جواز طلب الدعاء من الأحياء
(2)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فمن دعا له الرسول وشفع له توسل إلى الله بشفاعته ودعائه كما كان أصحابه يتوسلون إلى الله بدعائه وشفاعته، وكما يتوسل الناس يوم القيامة إلى الله تبارك وتعالى بدعائه وشفاعته صلى الله عليه وسلم"
(3)
.
والدليل من الكتاب على ذلك: قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64].
فاستغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لهم توسل بدعاء المؤمن لأخيه ويجب التنبه إلى أن استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم إنما كان في حياته لا بعد موته فلا يجوز لأحد بعد وفاته
(1)
جلاء العينين للألوسي ص 565.
(2)
مجموع فتاوى ابن باز ص 648.
(3)
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص 4.