الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
الإقسام على الله بالمتوسل به: كأن يقول أقسمت عليك يا الله بفلان أن تقضي لي حاجتي فهذه بدعة لم ينقل منه شيء عن السلف وقد كثر عند المتأخرين هذا المعنى فصار التوسل عندهم بمعنى الإقسام على الله بنبيه وهذا كالتوسل بالجاه والحرمة قال في جلاء العينين "فلا يقال: أقسمت عليك يا رب بملائكتك ولا بكعبتك، كما لا يجوز أن يقسم الإنسان بهذه الأشياء"
(1)
فهو ممنوع مطلقًا كما قرر ذلك تقي الدين ابن تيمية ونقله عن الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما من العلماء الأعلام
(2)
.
*
مسائل مهمة:
1 -
كلمة "أسألك بمعاقد العز من عرشك". قال ابن تيمية: "وأما إذا قال: "أسألك بمعاقد العز من عرشك" فهذا فيه نزاع، ورخص فيه غير واحد لمجيء الأثر به. ونقل عن أبي حنيفة كراهته، قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، وأكره أن يقول "بمعقد العز من عرشك، أو بحق خلقك". قال أبو يوسف:"بمعقد العز من عرشك" هو الله فلا أكره هذا. وأكره بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك، أو بحق البيت والمشعر الحرام، بهذا الحق يكره".
قالوا جميعًا: "المسألة بخلقه لا تجوز"؛ لأنه لا حق للخلق على الخالق، فلا يجوز أن يسأل الله بما ليس مستحقا، ولكن معقد العز من عرشك هل هو سؤال بمخلوق أو بخالق؟ فيه نزاع فلذلك تنازعوا فيه. وأبو يوسف بلغه الأثر فيه:"أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم، وجدك الأعلى وكلماتك التامة" فجوّزه لذلك"
(3)
.
(1)
جلاء العينين ص 550
(2)
جلاء العينين ص 567.
(3)
اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 782. وانظر كتاب: "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" ص 187.
2 -
السؤال بحق الرحم: وهذا جائز، كقول الرجل "أسألك بالرحم أن تفعل كذا" وذلك لوجود سبب صحيح يقتضي السؤال به، وهو حق الرحم عليك، فالرحم لها حق عليك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن قيل: قد يقول الرجل لغيره "بحق الرحم" قيل: الرحم توجب على صاحبها حقًا لذي الرحم كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. وقد رُوي عن علي أنه كان إذا سأله ابن أخيه بحق جعفر أبيه. أعطاه لحق جعفر على علي"
(1)
.
ولا بد أن يعلم أن سؤال الرجل لغيره بالرحم هذا توسل إليه بما يوجب صلته من القرابة التي بينهما. يقول ابن تيمية رحمه الله: "وأما قول الناس "أسألك بالله وبالرحم" وقراءة من قرأ {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} فهو من باب التسبب بها، فإن الرحم توجب الصلة، وتقتضي أن يصل الإنسان قرابته، فسؤال السائل بالرحم لغيره يتوسل إليه بما يوجب صلته من القرابة التي بينهما ليس هو من باب الإقسام ولا من باب التوسل بما لا يقتضي المطلوب. بل هو توسل بما يقتضي المطلوب كالتوسل بدعاء الأنبياء وبطاعتهم والصلاة عليهم"
(2)
.
ومن هذا الباب ما يروى عن عبد الله بن جعفر أنه قال: "كنت إذا أحل سألت عليًّا رضي الله عنه شيئًا، فلم يعطنيه قلت له: بحق جعفر إلا ما أعطيتنيه. فيعطينيه"
(3)
.
فإن بعض الناس ظن أن هذا من باب الإقسام عليه بجعفر، أو من باب قولهم "أسألك بحق أنبيائك" ونحو ذلك وليس كذلك. بل جعفر هو أخو علي. وعبد الله
(1)
مجموع الفتاوى 1/ 221.
(2)
اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 801.
(3)
المعجم الكبير 2/ 109، سير أعلام النبلاء 1/ 208، الإصابة 1/ 486.