الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحريم لما قدمنا"
(1)
.
9 - وقوع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لتركبن سنن من كان قبلكم
":
هذا الحديث وقع على سبيل الذم وقد تشبه الناس بهم في عقائدهم وعباداتهم وشركياتهم وعاداتهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى وحتى تضطرب أليات دوس حول ذي الخلصة صنم كان لهم في الجاهلية وإليك ما سطره العلماء في ذلك:
قال الإمام ابن القيم: "وما أكثر الخلف لهؤلاء في اتخاذ إله مجعول فكل من اتخذ إلها غير الله فقد اتخذ إلها مجعولا وقد ثبت عن النبي أنه كان في بعض غزواته فمروا بشجرة يعلق عليها المشركون أسلحتهم وشاراتهم وثيابهم يسمونها ذات أنواط فقال بعضهم: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال: الله أكبر! قلتم كما قال قوم موسى لموسى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} ثم قال: لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة"
(2)
.
وقال رحمه الله: "لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا فإنها شعائر الكفر والشرك وهي أعظم المنكرات فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله والأحجار التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى أو أعظم شركًا عندها وبها والله المستعان ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق وترزق
(1)
الاقتضاء 1/ 491، 492.
(2)
إغاثة اللهفان 2/ 300.
وتميت وتحيي وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة وأخذوا مأخذهم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع"
(1)
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ودعاء المقبور من أعظم الوسائل إلى ذلك وقد قدم بعض الشيوخِ المشرقَ وتكلم معي في هذا فبينت له فساد هذا فقال أليس قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور". فقلت: هذا مكذوب باتفاق أهل العلم، لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد من علماء الحديث، وبسبب هذا وأمثاله ظهر مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة
…
""
(2)
.
وقال أيضًا: "وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ " هذا خبر تصديقه في قوله تعالى: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} ولهذا شواهد في الصحاح والحسان وهذا أمر قد يسري في المنتسبين إلى الدين من الخاصة كما قال غير واحد من السلف منهم ابن عيينة، فإن كثيرا من أحوال اليهود قد ابتلى به بعض المنتسبين إلى العلم، وكثيرا من أحوال النصارى قد ابتلي به بعض المنتسبين إلى الدين كما يبصر ذلك من فهم دين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم ثم نزله على أحوال الناس، وإذا كان الأمر كذلك فمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه وكان ميتا فأحياه الله
(1)
زاد المعاد 3/ 605.
(2)
تلخيص كتاب الاستغاثة في الرد على البكري 2/ 577.