الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - الْاِسْتِسْقَاءُ بالْأنوَاءِ
*
الاستسقاء لغة: طلب السقيا ومجيء المطر.
والنوء: سقوط نجم من النازل في المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته
(1)
. والنوء جمعه أنواء.
قال ابن الأثير: "ناء. يَنُوء نوءًا: أي نهض وطلع"
(2)
.
وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ولا نوء" يقول الإمام البغوي: "أراد به ما كانت العرب تنسب المطر إلى أنواء الكواكب الثمانية والعشرين التي هي منازل القمر، وتقول: مطرنا بنوء كذا، فأبطل الشرع أن يكون بنوء النجم شيء إلا بإذن الله، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل قال: "من قال: مطرنا بفضل الله وبرحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، ومن قال: مطرنا بنوء كذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكواكب""
(3)
.
وقال النووي: "وأما النوء ففيه كلام طويل قد لخصه الشيخ أبو عمرو بن الصلاح - رحمه الله تعالى - فقال: النوء في أصله ليس هو نفس الكوكب، فإنه مصدر
* التمهيد لابن عبد البر 16/ 283، 286، 291. شَرحُ السُنَّةِ للبَغوي 12/ 174. الاستذكار لابن عبد البر 7/ 153، 159. تيسير العزيز الحميد ص 457. فتح المجيد ص 367. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 229. القول السديد لابن سعدي المجموعة 3/ 32. القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 2/ 115 ط 2 - 2/ 141 ومن المجموع 10/ 597. مجموع الفتاوى لابن عثيمين 2/ 192. شرح مسائل الجاهلية ص 133. معارج القبول 2/ 313. منهج الشافعي في إثبات العقيدة ص 278. شرح مسائل الجاهلية للسعيد 2/ 672. الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة - العلوي ص 275. منهج ابن حجر في العقيدة ص 1082. عقيدة الإمام ابن عبد البر للغصن ص 213.
(1)
الصحاح 1/ 79.
(2)
النهاية 5/ 122.
(3)
شَرحُ السُّنَّةِ للبَغوي: 12/ 174.
ناء النجم ينوء نوءا، أي سقط وغاب، وقيل: أي نهض وطلع.
وبيان ذلك: أن ثمانية وعشرين نجمًا معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها، وهي المعروفة بمنازل القمر الثمانية والعشرين، يسقط في كل ثلاث عشرة ليلة منها نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته.
وكان أهل الجاهلية إذا كان عِنْدَ ذلك مطر ينسبونه إلى الساقط الغارب منهما، وقال الأصمعي:"إلى الطالع منهما"، قال أبو عبيد:"ولم أسمع أحدا ينسب النوء للسقوط إلا في هذا الموضع، ثم إن النجم نفسه قد يسمى نوءا تسمية للفاعل بالمصدر". وقال أبو إسحاق الزجّاج في بعض أماليه: "الساقطة في المغرب هي الأنواء والطالعة في المشرق هي البوارج""
(1)
.
قال ابن الأثير: "وإنما يسمى نوءًا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناءَ الطالعُ بالمشرق. وقيل: أراد بالنوء الغروب وهو من الأضداد"
(2)
.
قال أبو بكر الرازي: "وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها. وقيل إلى الطالع منها لأنها في سلطانه"
(3)
.
والخلاصة أن الاستسقاء بالأنواء: يراد به نسبة الحوادث إليها نسبة إيجاد أو جعلها سببا لوجود الحوادث كالمطر والرياح والحر والبرد. والنسبة قد تكون إلى طلوع النجم أو غروبه على ما كانت الجاهلية تعتقده.
* الدليل من الكتاب: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} [الواقعة: 82]
(4)
.
جاء عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} قال:
(1)
شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 60 - 63 بتصرف.
(2)
النهاية 5/ 122.
(3)
مختار الصحاح باب (ن و ء)684.
(4)
وهذه الآية نزلت في الذين يقولون مطرنا بنوء كذا ولا ينسبونه إلى الله تعالى روي ذلك عن علي وقتادة والضحاك وهو قول جمهور المفسرين.
شكركم تقولون: مُطرنا بنوء كذا وكذا، وبنجم كذا وكذا"
(1)
.
* الدليل من السنة: عَنْ زيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى بنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ " قَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: "أصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ
(2)
فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ الله وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَب"
(3)
.
جاء في صحيح مسلم عن ابن عَبَّاسٍ قال: مطر الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا"، قال فنزلت هذه الآية:{فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] حتى بلغ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]
(4)
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر"
(5)
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل ليبيت القوم بالنعمة ثم يصبحون وأكثرهم كافرون يقولون مطرنا بنجم كذا كذا"
(6)
.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أخوف ما أخاف على أمتي في آخر زمانها النجوم وتكذيب بالقدر وحيف السلطان"
(7)
.
(1)
أخرجه الترمذي (3295) وأحمد (677).
(2)
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "المراد بالكفر هنا هو الأصغر بنسبة ذلك إلى غير الله وكفران نعمته، وإن كان يعتقد أن الله تعالى هو الخالق للمطر المنزل له بدليل قوله في الحديث فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته إلى آخره، فلو كان المراد هو الأكبر، لقال: أنزل علينا المطر نوء كذا، فأتى بباء السببية ليدل على أنهم نسبوا وجود المطر إلى ما اعتقدوه سببًا" تيسير العزيز الحميد 463.
(3)
أخرجه البخاري (1038) ومسلم (71).
(4)
أخرجه مسلم (73).
(5)
أخرجه مسلم (2220).
(6)
أخرجه أحمد (10813) والبيهقي 3/ 359.
(7)
أخرجه الطبراني في الكبير انظر مجمع الزوائد (7/ 203) والسلسلة الصحيحة (1127).