الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
سبب التحذير من رفع البناء على القبر:
يقول العلامة الصنعاني في كلامه على البناء على القبور: "إنه ذريعة إلى تعظيم الميت، والطواف بقبره، والتماس أركانه، والنداء باسمه. وبالجملة إنه يصير صنما يعبد، وهذه بدعة عظيمة عمّت الدنيا، وعبد الناس القبور، وعظموها بالمشاهد والقباب، وزادوا على فعل الجاهلية، فأسرجوا عليها السرج والشموع، وجعلوا لها نصيبا من أموالهم، كما قال تعالى في المشركين: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} [النحل: 56] وكما قالوا: {هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا} [الأنعام: 136] "
(1)
.
وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: "فالبناء على القبور وتجصيصها ووضع الزينات عليها أو الستور كله منكر ووسيلة إلى الشرك، فلا يجوز وضع القباب أو الستور أو المساجد عليها"
(2)
.
وقال رحمه الله: "إنما يعاد تراب القبر عليه ويرفع قدر شبر تقريبا حتى يعرف أنه قبر، هذه هي السنة في القبور التي درج عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم. ولا يجوز اتخاذ المساجد عليها ولا كسوتها ولا وضع القباب عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"
(3)
"
(4)
.
وكل عاقل يعلم أن لزيادة الزخرفة للقبور، وإسبال الستور الرائعة عليها، وتسريجها، والتأنق في تحسينها تأثيرًا في طبائع غالب العوام، وينشأ عنه التعظيم،
(1)
العدة على إحكام الأحكام 3/ 258 - 259. نقلًا عن شفاء الصدور في الرد على الجواب المشكور ص 72.
(2)
الفتاوى ص 746.
(3)
سبق تخريجه.
(4)
الفتاوى للشيخ ابن باز رحمه الله ص 744.
والاعتقادات الباطلة، وهكذا إذا استعظمت نفوسهم شيئا مما يتعلق بالأحياء، وبهذا السبب اعتقد كثير من الطوائف الإلهية في أشخاص كثيرة
(1)
.
قال الشوكاني رحمه الله: "وكم قد نشأ عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام. منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضر، فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج، وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشدوا إليها الرحال وتمسحوا واستغاثوا، وبالجملة أنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه! فإنا لله وإنا إليه راجعون، ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا تجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف، لا عالمًا ولا متعلمًا، ولا أميرًا ولا وزيرًا ولا ملكًا، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرًا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرًا، فإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني! تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق! وهذا من أبين الأدله الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين، أو ثالث ثلاثة. فيا علماء الدين ويا ملوك المسلمين أي رزء للإسلام أشد من الكفر، وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله، وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة، وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك واجبًا؟!.
لقد أسمعت لو ناديت حيا
…
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارًا نفختَ بها أضاءت
…
ولكن أنت تنفخ في رماد"
(2)
(1)
شفاء الصدور في الرد على الجواب المشكور ص 71.
(2)
نيل الأوطار 4/ 72. وانظر أحكام الجنائز للألباني ص 207.