الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرك"
(1)
، وقوله صلى الله عليه وسلم:"من تعلق تميمة فقد أشرك"
(2)
"
(3)
.
4 - لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه
(4)
:
الحلقة: طوق من نحاس أصفر أو غيره كان المشركون يجعلونها في عضدهم ويزعمون أنها تحفظهم من أذي العين والجن ونحوهما.
والخيط في الأصل ما يخاط به، كان المشركون يعقدون الخيوط على أيديهم ورقابهم يزعمون أنها تدفع الحمى فنهى عنه لما فيه من شائبة الشرك.
قال الشيخ ابن باز: "وكان الجهال يعلقون التمائم والخيوط ونحوها لدفع الحمى".
وحكم لبس الخيط لذلك شرك أكبر إذا اعتقد أنها تدفع البلاء بنفسها، أو اعتقد أن ما لُبس قادر على رفع الضر، أما إذا اعتقد أنها سبب لرفع البلاء، وأن النافع الضار هو الله فهو شرك أصغر قال الله تعالى:{قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} [سورة الزمر: 38].
وفي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر على عضُد رجلٍ حلقة -أراه قال: من صفر- فقال: ويحك، ما هذه؟ قال: من الواهنة. قال: أما إنها لا
(1)
أخرجه أبو داود (3683)، وابن ماجه (3530).
(2)
أخرجه الإمام أحمد (17558).
(3)
فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 209.
(4)
تيسير العزيز الحميد ص 153. فتح المجيد ص 137. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 74. القول المفيد ط 1 - 1/ 159 طـ 2 - 1/ 204 ومن المجموع 9/ 154. القول السديد لابن سعدي المجموعة 3/ 18. نور على الدرب لابن باز ص 61، 67. مجموع الفتاوى لابن عثيمين 1/ 110. الدين الخالص لصديق حسن القنوجي 2/ 230. معارج القبول 1/ 372. الشيخ السعدي وجهوده في توضيح العقيدة للعباد ص 190.
تزيدك إلا وهنًا، انبذها عنك، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا"
(1)
.
وروى ابن أبي حاتم عن حذيفة رضي الله عنه أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى فقطعه وتلا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106]
(2)
.
وروى وكيع عن حذيفة: "أنه دخل على مريض يعوده فلمس عضده فإذا فيه خيط؟ فقال: ما هذا؟ قال شيء رُقِى لي فيه فقطعه وقال: لو مت وهو عليك ما صليت عليك"
(3)
.
قال ابن باز: "فيه إنكار مثل هذا وإن كان يعتقد أنه سبب فالأسباب لا يجوز منها إلا ما أباحه الله تعالى ورسوله مع عدم الاعتماد عليها".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فالالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل والإعراض عن الأسباب المأمور بها قدح في الشرع فعلى العبد أن يكون قلبه معتمدا على الله لا على سبب من الأسباب والله ييسر له من الأسباب ما يصلحه في الدنيا والآخرة"
(4)
.
قاعدة: قال ابن سعدي في الحلقة والخيط: "هذا الباب يتوقف فهمه على معرفة أحكام الأسباب، وتفصيل القول فيها أنه يجب على العبد أن يعرف في الأسباب ثلاثة أمور:
أحدها: أن لا يجعل منها سببًا إلا ما ثبت إنه سبب شرعًا وقدرًا.
(1)
أخرجه الإمام أحمد (20242).
(2)
وذكره ابن كثير في تفسير الآية 298 من سورة يوسف قال: روي حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن عروة، وذكره في تفسير ابن كثير 4/ 418.
(3)
انظر: الآداب الشرعية 3/ 67، 68، تيسير العزيز الحميد 161.
(4)
انظر في بحث الأسباب مجموع الفتاوي 8/ 526، 539، مدارج السالكين 3/ 495. وانظر للاستزادة باب (السبب).
ثانيها: أن لا يعتمد العبد عليها بل يعتمد على مسببها، ومقدرها مع قيامه بالمشروع منها وحرصه على النافع منها.
ثالثها: أن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره لا خروج لها عنه. . . إذا عُلم ذلك فمن لبس الحلقة أو الخيط أو نحوهما قاصدًا بذلك رفع البلاء بعد نزوله أو دفعه قبل نزوله فقد أشرك؛ لأنه إن اعتقد أنها هي الدافعة الرافعة فهذا الشرك الأكبر.
وهو شرك في الربوبية حيث اعتقد شريكًا مع الله في الخلق والتدبير.
وشرك في العبودية حيث تأله لذلك وعلق به قلبه طمعًا ورجاء لنفعه.
وإن اعتقد أن الله هو الدافع الرافع وحده ولكن اعتقدها سببا يستدفع بها البلاء فقد جعل ما ليس سببا شرعيًا ولا قدريًا سببًا، وهذا محرم وكذب على الشرع وعلى القدر.
أما الشرع فإنه ينهى عن ذلك أشد النهي. وما نهى عنه فليس من الأسباب النافعة.
وأما القدر فليس هذا من الأسباب المعهودة ولا غير المعهودة التي يحصل بها المقصود ولا من الأدوية المباحة النافعة. وكذلك هو من جملة وسائل الشرك فإنه لا بد أن يتعلق قلب متعلّقها بها وذلك نوع شرك ووسيلة إليه"
(1)
.
* تنبيه:
قال ابن عثيمين: "ظهر في الأسواق في الآونة الأخيرة حلقة من النحاس يقولون: إنها تنفع من الروماتيزم، يزعمون أن الإنسان إذا وضعها على عضده وفيه روماتيزم نفعته من هذا الروماتيزم، ولا ندري هل هذا صحيح أم لا؟ لكن الأصل أنه ليس بصحيح لأنه ليس عندنا دليل شرعي ولا حسي يدل على ذلك، وهي لا تؤثر على الجسم؛ فليس فيها مادة دهنية حتى نقول: إن الجسم يشرب هذه المادة
(1)
القول السديد 34 - 36. وانظر للاستزادة باب (السبب).
وينتفع بها؛ فالأصل أنها ممنوعة حتى يثبت لنا بدليل صحيح صريح واضح أن لها اتصالا مباشرا بهذا الروماتيزم حتى ينتفع بها"
(1)
. وهذه مسألة لها تعلق بالأسباب. وقد فصلنا الكلام عنه في باب "السبب".
5 -
الواهنة:
(2)
قال ابن الأثير في النهاية: "الواهنة: عرق يأخذ في المنكب وفي اليد كلها فيُرقى منها. وقيل: هو مرض يأخذ في العضد، وربما عُلِّق عليها جنس من الخَرَز يقال لها خرز الواهنة، وهي تأخذ الرجالَ دون النساء. وإنما نهاه عنها لأنه إنما اتخذها على أنها تعصمه من الألم، فكان عنده في معنى التمائم المنهي عنها"
(3)
، وقد تقدم حديث عمران بن حصين في الفقرة السابقة الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه وفيه فقال:"انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا".
قال الشيخ سليمان في شرح الحديث: "فإن قيل: كيف قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزيدك إلا وهنا" وهي ليس لها تأثير؟ قيل: هذا -والله أعلم- يكون عقوبة له على شركه لأنه وضعها لدفع الواهنة فعوقب بنقيض مقصوده"
(4)
.
وقوله: "ما أفلحت أبدًا" هذا قد يكون لا يفلح الفلاح المطلق إذا اعتقد أنها سبب، وقد يكون لا يفلح حتى مطلق الفلاح إذا اعتقد أنها تنفع أو تضر استقلالا بحسب ما يقوم في قلبه.
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 9/ 189 وانظر القول المفيد ط 1 - 1/ 189.
(2)
المصنف لابن أبي شيبة 5/ 35. لوامع الأنوار للسفاريني ص 50. تيسير العزيز الحميد 157. فتح المجيد ص 139. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 76. القول المفيد ط 1 - 1/ 166 ومن المجموع 9/ 158.
(3)
النهاية (و هـ ن).
(4)
تيسير العزيز الحميد ص 158.
6 -
الوتر:
(1)
كانوا في الجاهلية إذا عتق وتر القوس أخذوه وعلقوه يزعمون أنه يحمي من العين ويعلق على الدواب وقد يكون من عصب الحيوانات
(2)
.
قال ابن الأثير: "كانوا يزعمون أن التقلد بالأوتار يرد العين ويدفع عنهم المكاره فنهوا عن ذلك"
(3)
.
روى الإمام أحمد عن رويفع قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا رويفع لعل الحياة ستطول بك فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلد وترا أو استنجي برجيع دابة أو عظم فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم منه برئ"
(4)
، وفي رواية:"فقد برئ مما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم"
(5)
.
وروى الإمامان البخاري ومسلم من حديث قيس بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رسولا وقال: "لا تبقينّ في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت"
(6)
.
وفي الحديث: "وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكفالها وقلّدوها ولا تقلدوها الأوتار"
(7)
وجاء في معناها ثلاثة أقوال ذكرها ابن الأثير في النهاية فقال: "هو الدم وطلب الثأر يريد جعلوا ذلك لازما لها في أعناقها لزوم القلائد للأعناق. وقيل: أراد بالأوتار: جمع وتر القوس أي لا تجعلوا في أعناقها الأوتار فتختنق، لأن الخيل ربما رعت الأشجار فَنشِبَت الأوتار ببعض شعبها فخنقتها. وقيل: إنما
(1)
التمهيد لابن عبد البر 17/ 159، 161. تيسير العزيز الحميد ص 164. الآداب الشرعية لابن مفلح 3/ 139. الدين الخالص لصديق حسن القنوجي 2/ 240. فتح المجيد ص 146. حاشية كتاب التوحيد لابن قدامة 82. معارج القبول 1/ 373. القول المفيد ط 1 - 1/ 185، ط 2 - 1/ 225 ومن المجموع 9/ 186.
(2)
انظر معارج القبول 1/ 373.
(3)
النهاية (و ت ر).
(4)
أخرجه الإمام أحمد (17121).
(5)
أخرجه الإمام أحمد (17120).
(6)
البخاري (3005)، مسلم (2115).
(7)
أخرجه أبو داود (2553)، والنسائي (3595).
نهاهم عنها لأنهم يعتقدون أن تقليد الخيل بالأوتار يدفع عنها العين والأذى فتكون كالعوذة لها فنهاهم وأعلمهم أنها لا تدفع ضررا ولا تصرف حذرًا"
(1)
.
قال الإمام مالك رحمه الله: "أرى ذلك من أجل العين. وقال: غيره إنما أمر بقطعها لأنهم كانوا يعلقون في القلائد الأجراس"
(2)
.
وقال البغوي في شرح السنة: "تأول مالك أمره صلى الله عليه وسلم بقطع القلائد على أنه من أجل العين وذلك أنهم كانوا يشدون بتلك الأوتار والتمائم والقلائد ويعلقون عليها العوذ يظنون أنها تعصم من الآفات فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عنها وأعلمهم أنها لا ترد من أمر الله شيئًا. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: كانوا يعلقون الإبل الأوتار لئلا تصيبها العين فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بإزالتها إعلامًا لهم بأن الأوتار لا ترد شيئًا. وكذلك قال ابن الجوزي وغيره وفي رواية محمد بن الربيع: "أو تقلد وترًا" يريد تميمة فهذا يدل على أنهم كانوا يتقلدون الأوتار من أجل العين، إذ فسره بالتميمة وهي تجعل لذلك"
(3)
.
فائدة: قال ابن الأثير فيمن عقد لحيته قيل: "هو معالجتها حتى تنعقد وتتجعد وقيل كانوا يعقدونها في الحروب فأمرهم بإرسالها كانوا يفعلون ذلك تكبرا وعجبًا"
(4)
.
وذكر الخطابي المعنى الثاني لعقد اللحية وهو معالجة الشعر ليتعقد ويتجمد وذلك من فعل أهل التوضيع والتأنيث
(5)
.
(1)
النهاية (ق ل د).
(2)
الآداب 3/ 140.
(3)
التيسير ص 164.
(4)
النهاية (ع ق د).
(5)
التيسير ص 172.