الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: "وأما من يفعل ذلك
(1)
جهلًا لا عنادًا وماتوا عليه قبل أن يبلغهم أنه شرك هل يحكم بإسلامهم ويرجى لهم العفو من الله والمغفرة وينفعهم استغفار الأحياء لهم؟ فهذه المسألة أحسن الأجوبة فيها أن يقال الله أعلم بهم كما قال موسى عليه السلام لما قيل له: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} "
(2)
.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "إذا مات غير المكلف بين والدين كافرين فحكمه حكمهما في أحكام الدنيا فلا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين أما في الآخرة فأمره إلى الله سبحانه"
(3)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين: "إذا مات أطفال الكفار وهم لم يبلغوا سن التمييز وكان أبواهم كافرين فإن حكمهم حكم الكفار في الدنيا أي لا يغسلون ولا يكفنون ولا يصلى عليهم ولا يدفنون مع المسلمين لأنهم كفار بوالديهم .. هذا في الدنيا أما في الآخرة فالله أعلم بما كانوا عاملين وأصح الأقوال فيهم أن الله سبحانه وتعالى يختبرهم يوم القيامة بما يشاء من تكليف فإن امتثلوا أدخلهم الله الجنة وإن أبوا أدخلهم النار وهكذا نقول في أهل الفترة ومن لم تبلغهم الرسالات"
(4)
.
*
حكم أهل الفترة:
قال ابنُ حَزْمٍ عند ذكره قول الله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، وقوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} : "فنص تعالى على أن النذارة لا تلزم إلا من بلغته، لا من لم تبلغه، وأنه تعالى لا يعذب أحدًا حتى يأتيه رسول من عِنْدَ الله عز وجل،
(1)
أي فعل شيئًا من الشرك.
(2)
الرسائل والمسائل القسم الأول 1/ 201.
(3)
مجموع فتاوى إسلامية جمع محمد المسند 2/ 65.
(4)
فتاوى إسلامية جمع محمد المسند 2/ 65.
فصح بذلك أنه من لم يبلغه الإسلام أصلًا فإنه لا عذاب عليه، وهكذا جاء النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يؤتى يوم القيامة بالشيخ الخرف، والأصم، ومن كان في الفترة، والمجنون، فيقول المجنون: يا رب أتاني الإسلام، وأنا لا أعقل، ويقول الخرف والأصم، والذي في الفترة أشياء ذكرها، فيوقد لهم نار، ويقال لهم: أدخلوها، فمن دخلها وجدها بردًا وسلامًا. وكذلك من لم يبلغه الباب من واجبات الدين، فإنه معذور لا ملامة عليه"
(1)
.
ويقول الشاطبي: "جرت سنته سبحانه في خلقه، أنه لا يؤاخذ بالمخالفة إلا بعد إرسال الرسل، فإذا قامت الحجة عليهم، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولكل جزاء مثله"
(2)
.
قال ابنُ تَيمِيَّةَ: "والذي عليه السلف والأئمة أن الله تعالى لا يعذب إلا من بلغه الرسالة، ولا يعذب إلا من خالف الرسل كما دل عليه الكتاب والسنة، ومن لم تقم عليه الحجة في الدنيا بالرسالة كالأطفال، والمجانين وأهل الفترات، فهؤلاء فيهم أقوال، أظهرها ما جاءت به الآثار أنهم يمتحنون يوم القيامة، فيبعث إليهم من يأمرهم بطاعته، فإن أطاعوه استحقوا الثواب، وإن عصوه استحقوا العذاب"
(3)
.
والقول بأنهم يمتحنون حكاه الأشعري عن جمهور السلف
(4)
. وممن قال به المروزي
(5)
، والبيهقي
(6)
، وابن كثير ونصره ابن القيم وقال: "وبهذا يتألف شمل
(1)
الفصل 4/ 105.
(2)
الموافقات 3/ 377.
(3)
الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 1/ 312، وانظر مجموع الفتاوى (تفسير سورة الإخلاص) 17/ 308. ودرء التعارض 8/ 401، ومختصر الفتاوى المصرية ص 643.
(4)
تفسير ابن كثير 3/ 30.
(5)
أحكام أهل الذمة 2/ 650.
(6)
الاعتقاد للبيهقي 170.
الأدلة كلها وتتوافق الأحاديث"
(1)
.
وقال ابن كثير: "وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها، وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضها لبعض"
(2)
.
وقد قيل في حكمهم غير ذلك، فمنهم من قطع لهم بالجنة، ومنهم من قطع لهم بالنار ومنهم من توقف والقول بأنهم يمتحنون يجمع بين الأدلة ويدفع عنها التناقض.
وقال شيخ الإسلام ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله: "وهذا التفصيل يذهب الخصومات التي كره الخوض فيه لأجلها من كرهه، فإن من قطع لهم بالنار كلهم، جاءت نصوص تدفع قوله، ومن قطع لهم بالجنة كلهم جاءت نصوص تدفع قوله
…
"
(3)
.
وممن اختار القول بأنهم يُمتحنون الشيخ ابن باز، قال:"وهذا القول هو أصح الأقوال في أهل الفترة ونحوهم ممن لم تبلغهم الدعوة الإلهية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وجماعة من السلف والخلف - رحمة الله عليهم جميعًا - "
(4)
. واختاره أيضًا الشنقيطي في أضواء البيان
(5)
وبه أفتت اللجنة الدائمة
(6)
، والشيخ محمد بن عثيمين
(7)
.
وقال الشنقيطي رحمه الله: "والتحقيق أنهم معذورون بالفترة في الدنيا، وأن الله يوم القيامة يمتحنهم بنار يأمرهم باقتحامها، فمن اقتحمها دخل الجنة، وهو الذي كان
(1)
طريق الهجرتين 369.
(2)
تفسير ابن كثير 3/ 30.
(3)
درء التعارض 8/ 401.
(4)
فتاوى إسلامية جمع محمد المسند 2/ 66.
(5)
أضواء البيان 3/ 482.
(6)
مجلة البحوث الإسلامية العدد 40 ص 95.
(7)
فتاوى إسلامية جمع محمد المسند 2/ 65.