الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: "لا ريب أن ضابط التشبه بهم فعل ما هو من خصائصهم"
(1)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "مقياس التشبه أن يفعل المتشبه ما يختص به المتشبه به فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئًا من خصائصهم أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار فإنه لا يكون تشبهًا فلا يكون حرامًا من أجل أنه تشبه إلا أن يكون محرمًا من جهة أخرى، وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة وقد صرح بمثله صاحب الفتح"
(2)
.
وسئل عن الضابط في مسألة التشبه بالكفار فأجاب بقوله: "التشبه بالكفار يكون في المظهر واللباس والمأكل وغير ذلك لأنها كلمة عامة، ومعناها أن يقوم الإنسان بشيء يختص به الكفار بحيث يدل من رآه أنه من الكفار، وهذا هو الضابط، أما إذا كان الشيء قد شاع بين المسلمين وصار عامًا بين المسلمين والكفار فإن التشبه يجوز وإن كان أصله مأخوذًا من الكفار ما لم يكن محرمًا لعينه كلباس الحرير"
(3)
.
4 - يجب إنكار التشبه ولا يجوز الإعانة عليه:
قال شيخ الإسلام: "فلا يُعان المسلم المتشبه بهم في ذلك، بل يُنهى عن ذلك.
فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات لم تُقبل هديته، خصوصًا إن كانت الهدية مما يُستعان به على التشبه بهم، مثل إهداء الشمع ونحوه في الميلاد، وإهداء البيض واللبن والغنم في الخميس الصغير الذي في آخر صومهم، وهو الخميس الحقير، ولا يبايع المسلم ما يستعين به المسلمون على
(1)
فتاوى محمد بن إبراهيم 6/ 231.
(2)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 3/ 47.
(3)
مجموع دروس وفتاوى الحرم المكي 3/ 367.
مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس والبخور؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر"
(1)
.
وقال الإمام الذهبي رحمه الله في شأن التشبه بالكفار في أعيادهم: "فبئس المربي أنت أيها المسلم إذا لم تَنْهَ أهلك وأولادك عن ذلك، وتُعرِّفهم أن ذلك عند النصارى، لا يحلُّ لنا أن نشاركهم ونشابههم فيه
…
وكل من علم شيئًا وعمل بخلافه عاقبه الله يوم القيامة، ويجب على وليِّ الأمر القيام في ترك هذا بكل ممكن، فإن في بقائه تجرّيًا لأهل الصليب على إظهار شعارهم
…
فينبغي لكل مسلم أن يجتنب أعيادهم، ويصون نفسه وحريمه وأولاده عن ذلك، إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر"
(2)
.
والإعانة على التشبه والمشاركة فيه تفضي إلى الميل إلى الكفار وموافقتهم واتباعهم ومحبتهم وموالاتهم
(3)
والتشبه القليل يفضي إلى الكثير قال الذهبي رحمه الله: "وفعل اليسير من ذلك يجر إلى الكثير"
(4)
. قال حذيفة رضي الله عنه: "من تشبه بقوم فهو منهم ولا يشبه الزي الزي حتى يشبه الخُلُقُ الخلق".
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "لا يشبه الزيُّ الزيَّ حتى تشبه القلُوبُ القلوبَ"
(5)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن المشاركة في الهدي الظاهر: تورث تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس، فإن اللابس لثياب أهل العلم -مثلًا- يجد من نفسه نوع انضمام إليهم،
(1)
مجموع الفتاوى 25/ 319، 320.
(2)
تشبه الخسيس بأهل الخميس ص 31، 32.
(3)
الاقتضاء 1/ 488.
(4)
تشبه الخسيس بأهل الخميس ص 37.
(5)
تشبه الخسيس بأهل الخميس ص 49.
واللابس لثياب الجند المقاتلة مثلًا - يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم ويصير طبعه مقتضيا لذلك، إلا أن يمنعه من ذلك مانع.
ومنها أن المخالفة في الهدي الظاهر: توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف إلى أهل الهدى والرضوان وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين.
وكلما كان القلب أتم حياة وأعرف بالإسلام كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطنًا وظاهرًا أتم وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد.
ومنها: أن مشاركتهم في الهدي الظاهر: توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التميز ظاهرا بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين، إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية"
(1)
.
قال أبو العباس بن تيمية رحمه الله: "وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقلُّ كفرا من غيرهم، كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيمانا من غيرهم ممن جرد الإسلام اهـ.
والمتشبه بالكفار مع ما يجد من قلبه ميلا إليهم وأنسا بهم فإنه يجد نفورا وابتعادا عمن ترك التشبه به كما أن تعظيم الكفار واستحسان هيآتهم وأخلاقهم يدعوهم إلى استحسان كل ما هم عليه وكل ما يتصفون به من معاملات وهيئة وعادات.
قال ابن القيم: "ونهى عن التشبه بأهل الكتاب وغيرهم من الكفار في مواضع كثيرة لأن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة فأنه إذا أشبه الهدي الهدي
(1)
الاقتضاء 1/ 79 - 80.