الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مع الله أحدًا، ولكن يقول في دعائه: أسألك بنبيك، أو بالمرسلين، أو بعبادك الصالحين، أو غيره يدعو عنده، لكن لا يدعو إلا الله مخلصًا له الدين"
(1)
.
*
حكم التوسل إلى الله بذوات المخلوقين:
التوسل بذوات المخلوقين أمر محدث لا يدل على جوازه دليل من الكتاب ولا من السنة ولم يقل بجوازه أحد من السلف والأئمة والعلماء فهو من البدع المحدثة كما حكاه ابن القيم إجماعًا
(2)
والأحاديث التي يستدل بها في جوازه غير ثابتة.
قال السهسواني "وقد عرفت فيما سلف أن كل حديث ورد في هذا الباب لا يخلو من مقال ووهن، فالأحوط ترك هذه الألفاظ، وقد جعل الله في الأمر سعة، وعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم التوسل المشروع على هيئات متعددة -كما تقدم- فلا ملجيء إلى الوقوع في مضيق الشبهات"
(3)
.
وقال الصنعاني: "لكن التوسل إليه بالمخلوقين شيء لم يأذن به الله لعباده، فهو بدعة، وهو تهجمٌ على الجناب العلي بما لم يأت به شرعٌ، بل طريقة عُبَّاد الأوثان، القائلين إنهم يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى"
(4)
.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "ولو كان الأنبياء والصالحون لهم جاه عند الله سبحانه وتعالى فلا يقتضي ذلك جواز التوسل بذواتهم وجاههم، لأن الذي لهم من الجاه والدرجات أمر يعود نفعه إليهم، ولا ننتفع من ذلك بشيء إلا باتباعنا لهم ومحبتنا لهم"
(5)
.
(1)
مجموعة مؤلفات الشيخ (3/ 68).
(2)
الدرر السنية 9/ 232.
(3)
صيانة الإنسان ص 201.
(4)
الإنصاف في حقيقة الأولياء ص 47.
(5)
الدرر السنية (9/ 232).
وقال الإمام السعدي: "التوسل إلى الله بذوات المخلوقين وجاههم فهذا الصواب أنه لا يحل، لأنه لا يتقرب إلى الله إلا بما شرع، وهذا ليس بمشروع، وأيضًا فذوات المخلوقين وإن كان لهم عند الله مقام وقدر وجاه، فهذا ليس لغيرهم وليس التوسل بهم سببًا لشفاعتهم للمتوسل عند الله ولم يجعله الله من الأمور المقربة إليه، وليس ذلك إلا توسلًا بما منّ الله على المتوسل فتعين أنه لا يجوز"
(1)
.
2 -
التوسل إلى الله بجاه فلان أو حقه
(2)
، أو حرمته أو بركته كأن يقول المتوسل: اللهم إني أتوسل إليك بجاه فلان عندك أو بحقه عليك أو بحرمته أو بركته أن تقضي حاجتي
…
وكره أبو حنيفة وصاحباه أن يقول الرجل جل أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك أو بحق البيت الحرام والمشعر الحرام ونحو ذلك؛ إذ ليس لأحد على الله حق نقل ذلك شارح الإحياء
(3)
وغيره.
ونقل المنع عن جمع من علماء الحنفية السهسواني الهندي في صيانة الإنسان
(4)
واتفق أئمة الدعوة السلفية على أنه بدعة محرمة مذمومة.
ونقل الشيخ سليمان بن عبد الله عن ابن القيم -رحمهما الله- أن قول: "اللهم إني أسألك بجاه نبيك محمد ونحو ذلك أن هذا بدعة إجماعًا"
(5)
.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "التوسل بالجاه والبركة والحرمة الحق ليس بجائز عند جمهور أهل العلم لأن التوسلات توقيفية لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع، ولم
(1)
الفتاوى السعدية، ص 24.
(2)
انظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في السؤال بحق فلان فقد فصل فيه في الفتاوى 1/ 1، 213/ 220.
(3)
إتحاف السادة المتقين 2/ 285.
(4)
صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان ص 205.
(5)
الدرر السنية (2/ 103)، وقد نص على بدعيته أيضا الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الدرر السنية 1/ 154 والشيخ ابن عثيمين في كتاب التوسل ص 46.
يرد في الشرع ما يدل على هذه التوسلات. فلا يقول الإنسان: اللهم اغفر لي بحق فلان، أو بحق محمد، أو بحق الصالحين، أو بحق الأنبياء، أو بجاه الأنبياء، أو بحرمة الأنبياء، أو ببركة الأنبياء أو ببركة الصالحين، أو ببركة علي، أو ببركة الصديق، أو ببركة عمر، أو بحق الصحابة، أو حق فلان، كل هذا لا يجوز، هذا خلاف المشروع وبدعة، وهو ليس بشرك لكنه بدعة، لم يرد في الأسئلة التي دعا بها النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أصحابه رضي الله عنه"
(1)
.
وقال -قدس الله روحه-: "التوسل بجاه الأنبياء، أو بجاه الصحابة، بدعة لا يجوز، أما بجاه الله معناه بعظمة الله فلا يضر، لكن بجاه النبي أو جاه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاه الأنبياء، أو بجاه الصالحين، أو بحق الأنبياء، أو بحق الصالحين. هذا بدعة على الأصح عند جمهور أهل العلم"
(2)
.
ومما يذكر هنا أن هناك فرق بين الجاه، والحرمة من ناحية اللفظ والمعنى لا من ناحية الحكم الشرعي -والله أعلم-.
وقال الشيخ ابن عثيمين: "التوسل بوسيلة سكت عنها الشرع هذا محرم وهو نوع من الشرك مثل أن يتوسل بجاه شخص ذي جاه عند الله فيقول: أسألك بجاه نبيك، فلا يجوز ذلك لأنه إثبات لسبب لم يعتبره الشرع، ولأن جاه ذي الجاه ليس له أثر في قبول الدعاء؛ لأنه لا يتعلق بالداعي ولا بالمدعو وإنما هو من شأن ذي الجاه وحده، فليس بنافع لك في حصول مطلوبك أو دفع مكروبك، ووسيلة الشيء ما كان موصلًا إليه، والتوسل بالشيء إلى ما لا يوصل إليه نوع من العبث، فلا يليق أن تتخذه فيما بينك وبين ربك. والله الموفق"
(3)
.
(1)
انظر فتاوى ابن باز 3/ 322. وانظر: ص 952.
(2)
مجموع فتاوى ابن باز (3/ 564).
(3)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 2/ 343.