الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون القبول بالقلب والانقياد بالقلب والجوارح فلا انقياد إلا بالقبول"
(1)
.
سابعًا: الإخلاص المنافي للشرك:
وهو تصفية العمل من جميع شوائب الشرك بأن لا يقصد بقولها طمعًا من مطامع الدنيا ولا رياء ولا سمعة؛ لما جاء في الحديث الصحيح من حديث عتبان قال: "فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"
(2)
.
وسوف يأتي لهذا مزيد بحث في (الإخلاص).
8 - نواقض الشهادتين:
نواقض لا إله إلا الله كثيرة جدًّا، وقد عقد لها الفقهاء في كتب الفقه بابًا خاصًا سمَّوه باب الردة، وسيأتي الكلام عنها مفصلًا في بابَي (الردة) و (نواقض الإسلام).
9 - متى ينفع الإنسان قول لا إله إلا الله
؟:
قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله في شرح حديث: "إن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" قال رحمه الله: "اعلم أنه قد وردت أحاديث ظاهرها أنه من أتى بالشهادتين حرم على النار كهذا الحديث، وحديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال: "يا معاذ": قال لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: "ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا حرمه الله على النار"
(3)
…
ووردت أحاديث فيها أن من أتى بالشهادتين دخل الجنة وليس فيها أنه يحرم على النار، منها حديث عبادة الذي تقدم قريبًا، وحديث أبي هريرة أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك - الحديث وفيه - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بها عبد غير
(1)
الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما للشيخ ابن جبرين 81، 82.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
أخرجه البخاري (128)، ومسلم (32).
شاك فيُحجب عن الجنة"
(1)
.
قال: وأحسن ما قيل في معناه ما قاله شيخ الإسلام ابنُ تَيمِيَّةَ وغيره: "أن هذه الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها. كما جاءت مقيدة وقالها خالصًا من قلبه مستيقنًا بها قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين".
فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة.
فمَنْ شهِدَ أن لا إله إلَّا الله خالصًا من قلبِه دخَل الجنَّةَ، لأنَّ الإخلاصَ هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحا، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك، فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه يخرج النار من قال:"لا إله إلا الله"، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، وما يزن خردلة وما يزن ذرة، وتواترت بأن كثيرًا ممن يقول لا إله إلا الله يدخل النار ثم يخرج منها، وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون لله، وتواترت بأنه يحرم على النار من قال: لا إله إلا الله، ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال، وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين، ومن لا يعرف ذلك يُخشى عليه أن يُفتن عنها عِنْدَ الموت فيُحال بينه وبينها، وأكثر من يقولها يقولها تقليدًا وعادة ولم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يُفتن عِنْدَ الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث:"سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته"، وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم، وهم أقرب الناس من قوله تعالى {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23]، وحينئذٍ فلا منافاة بين الأحاديث، فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحالة مصرًا على ذنب أصلًا، فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، فإذًا لا يبقى في
(1)
أخرجه مسلم (27).