الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
97 - التوكل على الله تعالى
*
قال ابن الأثير: "توكَّل بالأمر إذا ضمن القيام به، ووكلتُ أمري إلى فلان: أي ألجأته إليه واعتمدتُ فيه عليه، ووكَّل فلان فلانًا: إذا اسْتكفَاه أمرَه ثقة بكفايته أو عجزًا عن القيام بأمر نفسه"
(1)
.
ويقال: "وكلت الأمر إليه وكلًا: من باب وعد، ووُكُولًا: فوَّضته إليه واكتفيت به
…
وتوكَّل على الله: اعتمد عليه ووَثِق به، واتكل عليه في أمره كذلك"
(2)
.
وقال الرازي: "والتوكل: إظهار العجز والاعتماد على غيرك والاسم التكلان"
(3)
.
فمعناه في اللغة: (الاعتماد والتفويض).
وفي الشرع: قال ابن جرير الطبري رحمه الله: "الصواب في حد التوكل الثقة بالله
* التمهيد لابن عبد البر 21/ 272، 24/ 65 - 67. شرح السنة للبغوي 14/ 298.التحفة العراقية لابن تيمية ص 30، 33. أحكام القرآن للقرطبي 4/ 189، 253، 9/ 11، 370. الآداب الشرعية لابن مفلح 3/ 262. تيسير العزيز الحميد ص 499. فتح المجيد ص 407. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 251. القول السديد لابن سعدي المجموعة 3/ 35. القول المفيد ط 1 - 2/ 185، 453 ط 2 - 2/ 228. ومن المجموع 10/ 666. مجموع الفوائد واقتناص الأوابد للسعدي ص 38، 48. فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 248.الدين الخالص لصديق حسن القنوجي 1/ 125. معارج القبول 1/ 330. مجموع الفتاوى لابن باز 1/ 272. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 2/ 497. المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة الأحمدي 2/ 233. الشيخ السعدي وجهوده في توضيح العقيدة للعباد ص 175.ابن رجب وأثره في توضيح العقيدة للغفيلي ص 357. الجيلاني وآراؤه الاعتقادية ص 140، 607. منهج الحافظ ابن رجب في العقيدة ص 380. مباحث العقيدة في سورة الزمر ص 272، 286. الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة لأبي عبد الرحمن العلوي ص 259.التوكل على الله. د. القرني.
(1)
النهاية في غريب الحديث (و ك ل).
(2)
المصباح المنير (و ك ل).
(3)
مختار الصحاح (وكل).
تعالى والاعتماد في الأمور عليه، وتفويض كل ذلك إليه بعد استفراغ الوسع في السعي فيما بالعبد الحاجة إليه من أمر دينه ودنياه على ما أمر به من السعي"
(1)
.
وقال ابن رجب رحمه الله: "هو صدق اعتماد القلب على اللهُ عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها، وكِلة الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه"
(2)
.
وعرّفه ابن رجب أيضا بقوله: "التوكل هو قطع الاستشراف باليأس من المخلوقين كما قال الإمام أحمد واستدل عليه بقول إبراهيم عليه السلام لما عرض له جبرائيل في الهواء وقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا"
(3)
.
وقال الحسن رحمه الله تعالى: "توكل العبد على ربه: أن يعلم أن الله هو ثقته"
(4)
.
وقال ابن القيم رحمه الله: "التوكل عمل القلب وعبوديته اعتمادًا على الله وثقة به والتجاء إليه وتفويضًا إليه ورضاه بما يقضيه لعلمه بكفايته سبحانه وحسن اختياره لعبده إذا فوض إليه مع قيامه بالأسباب المأمور بها واجتهاده في تحصيلها"
(5)
.
وقال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "هو إسناد العبد أمره إلى الله وحده لا شريك له في جميع أموره الدينية والدنيوية"
(6)
.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: "صدق الاعتماد على الله عز وجل، في جلب المنافع ودفع المضار مع فعل الأسباب التي أمر الله بها"
(7)
.
(1)
شرح ابن بطال للبخاري 9/ 408.
(2)
جامع العلوم والحكم ص 409.
(3)
من نور الاقتباس ص 76. جامع العلوم والحكم ص 439.
(4)
جامع العلوم والحكم ص 409.
(5)
الروح لابن القيم ص 343، وانظر زاد المعاد 4/ 15.
(6)
الكلمات النافعة في المكفرات الواقعة للشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ص 6، 7.
(7)
المجموع الثمين لابن عثيمين 1/ 66.
* الدليل من الكتاب: قال الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]. وقال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التغابن: 13].
وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق: 3]. وقال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)} [الأنفال: 64]. وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)} [الأنفال: 2]. وقال تعالى: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقى في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له:{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]
(1)
.
* الدليل من السنة: عَنْ ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمْ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى وَقَع في
(2)
سَوَادٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ: مَا هَذَا؟ أُمَّتِي هَذِهِ؟ قِيلَ: بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ. قِيلَ: انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا، فِي آفَاقِ السَّمَاءِ. فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ. قِيلَ: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ، فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا: نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِالله وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ فَنَحْنُ هُمْ، أَوْ أَوْلَادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلَامِ، فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ فَقَالَ: "هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطيَّرُونَ، وَلَا
(1)
أخرجه البخاري (4563).
(2)
في رواية مسلم: "إذ رُفِع لي سواد عظيم".