الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحبه الله فلا يقبله الله ولا يصلح مثل أعمال المشركين وأهل الكتاب"
(1)
.
وقال الشيخ صالح الفوزان: "كل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة لقوله صلى الله عليه وسلم: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"
(2)
، وقوله صلى الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"
(3)
وفي رواية: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"
(4)
فدل الحديث على أن كل محدث في الدين فهو بدعة، وكل بدعة ضلالة مردودة. ومعنى ذلك أن البدع في العبادات والاعتقادات محرمة، ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة.
فمنها ما هو كفر صراح: كالطواف بالقبور تقربًا إلى أصحابها وتقديم الذبائح والنذور لها ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم. وكمقالات غلاة الجهمية والمعتزلة.
ومنها ما هو من وسائل الشرك: كالبناء على القبور والصلاة والدعاء عندها.
ومنها ما هو فسق اعتقادي: كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة للأدلة الشرعية.
ومنها ما هو معصية: كبدعة التبتل والصيام قائمًا في الشمس. والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع"
(5)
.
7 - أثر البدع على التوحيد:
بَيَّنَ الله سبحانه وتعالى أن الشيطان هو عدو بني آدم وحذر منه فقال عز وجل: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} فعلى العبد أن يتخذه عدوا ويحترز منه ولا يتبع خطواته فإن له
(1)
الاستقامة 2/ 310.
(2)
مسند الإمام أحمد 4/ 126 وأبو داود (4607) والترمذي (2676) وابن ماجه (42) وصحيح الجامع (2546).
(3)
البخاري (2697)، ومسلم (1718).
(4)
مسلم (1718)(18).
(5)
محاضرات في العقيدة والدعوة 1/ 107.
مع الناس عقبات وخطوات ومن عقباته بعد الكفر بالله وبدينه عقبة البدعة إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله وقد انخدع به كثير من الناس فوقعوا في البدع التي حذر الله ورسوله منها فمن ذلك رفع القبور والبناء عليها وإيقاد السرج والشموع عِنْدَها. وشد الرحال إليها ومن ذلك التبرك بالصالحين وتتبع آثارهم والتوسل بالذوات أو بالجاه ومن ذلك إحداث أعياد لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح ومن ذلك الصلاة لله عند القبر، والذبح لله عند القبر.
والأمور المبتدعة عند القبور مراتب ودركات أشنعها سؤال الميت، والاستغاثة به والسجود له ومن البدع التمسح به وتعظيمه واتخاذه مسجدا وعيدا وإكرامه بما نهى عنه الشرع من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها. وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرِّقاع فيها وأخذ تربتها تبركا والكتابة على القبر، وإفاضة الطيب عليها، وإلقاء الخرق على الشجر، اقتداء بمن عبد اللات والعزى وهذه حال من اتبع سبل الشيطان في تحسين المعاصي والبدع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وفيهم من ينظم القصائد فى دعاء الميت والاستشفاع به والاستغاثة أو يذكر ذلك فى ضمن مديح الأنبياء والصالحين فهذا كله ليس بمشروع ولا واجب ولا مستحب باتفاق أئمة المسلمين ومن تعبد بعبادة ليست واجبة ولا مستحبة وهو يعتقدها واجبة أو مستحبة فهو ضال مبتدع بدعة سيئة لا بدعة حسنة باتفاق أئمة الدين فإن الله لا يعبد إلا بما هو واجب أو مستحب وكثير من الناس يذكرون فى هذه الأنواع من الشرك منافع ومصالح ويحتجون عليها بحجج من جهة الرأى أو الذوق أو من جهة التقليد والمنامات ونحو ذلك"
(1)
.
وكما أثرت البدع على التوحيد فقد أثرت في السنة فعَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ
(1)
مجموع الفتاوى 1/ 160.
الثُّمَالِيِّ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَقَالَ: يَا أَبَا أَسْمَاءَ، إِنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا النَّاسَ عَلَى أَمْرَيْنِ. قَالَ: وَمَا هُمَا؟ قَالَ: رَفْعُ الأَيْدِي عَلَى الْمَنَابِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْقَصَصُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُمَا أَمْثَلُ بِدْعَتِكُمْ عِنْدِي وَلَسْتُ مُجِيبَكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا قَالَ لِمَ قَالَ لأَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنْ السُّنَّةِ" فَتَمَسُّكٌ بسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ"
(1)
.
وعن حسان بن عطية قال: "ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها عليهم إلى يوم القيامة"
(2)
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فلا تجد قط مبتدعًا إلا وهو يحب كتمان النصوص التي تخالفه ويبغضها ويبغض إظهارها وروايتها والتحدث بها ويبغض من يفعل ذلك، كما قال بعض السلف: ما ابتدع أحد بدعة إلا نزعت حلاوة الحديث من قلبه"
(3)
.
وقال ابن عثيمين رحمه الله: "إنك لتجد الكثير من هؤلاء الحريصين على البدع يكون فاترًا في تنفيذ أمور ثبتت شرعيتها وثبتت سنيتها، فإذا فرغوا من هذه البدع قابلوا السنن الثابتة بالفتور، وهذا كله من نتيجة أضرار البدع على القلوب فالبدع أضرارها على القلوب عظيمة، وأخطارها على الدين جسيمة، فما ابتدع قوم في دين الله بدعة إلا أضاعوا من السنة مثلها أو أشد، كما ذكر ذلك بعض أهل العلم من السلف.
(1)
أخرجه الإمام أحمد في المسند (17095) قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 188: (وفيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم وهو منكر الحديث) وجوّد الحافظ حديثه هذا في الفتح 13/ 253. قال ابن رجب: "وقد رُوي عن ابن عمر من قوله نحو هذا" جامع العلوم والحكم 2/ 128.
(2)
شرح أصول الاعتقاد (129) 1/ 104.
(3)
درء التعارض 1/ 221.