الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن الإنسان إذا شعر أنه تابع لا مشرع حصل له بذلك كمال الخشية والخضوع، والذل، والعبادة لرب العالمين، وكمال الاتباع لإمام المتقين وسيد المرسلين ورسول رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم"
(1)
.
8 - وللعلماء كلام في قبول توبة المبتدع:
فمنهم من قال: يمكن أن يتوب ويستشهد له بما روى أحمد عن عبد الله بن شداد "أن عليًا رضي الله عنه لما اعتزله الحرورية بعث إليهم عبد الله بن عباس فواضعوه كتاب الله ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف"
(2)
.
مع أن الخوارج ورد فيهم من الأحاديث ما لم يرد في غيرهم من الفرق، فهم كلاب النار، وهم الذين يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
…
(3)
.
وكذلك توبة أبي الحسن الأشعري مع براعته في معرفة الاعتزال
(4)
.
والقول بصحة توبة المبتدع سواء كان داعية أو غير داعية هو قول أكثر أهل العلم
(5)
.
ومنهم من قال: من كان عالمًا لا مقلدًا فلا يتوب؛ لأنه زاغ فأزاغ الله قلبه، وأما إذا كان مقلدًا أو عاميًا فيمكن أن يتوب كما رجع بعض الخوارج
(6)
.
ومنهم من قال بأن صاحب البدعة ليست له توبة.
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 5/ 255.
(2)
مسند الإمام أحمد 1/ 86 - 87.
(3)
انظر: حقيقة البدعة وأحكامها لسعيد الغامدي 2/ 399.
(4)
انظر: سير أعلام النبلاء 15/ 86.
(5)
انظر: مجموع الفتاوى 16/ 25، الآداب الشرعية لابن مفلح 1/ 110، موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع 1/ 330.
(6)
انظر: الرد على الجهمية لأبي سعيد الدارمي 114، مجموع الفتاوى لابن تيمية 18/ 186، حقيقة البدعة وأحكامها لسعيد الغامدي 2/ 403.
قال ابن عمر في القدرية: "لو أنفقوا ما في الأرض ذهبًا ما تقبل منهم حتى يؤمنوا بالقدر"
(1)
.
وقال الحسن البصري: "إن صاحب البدعة لا يقبل له صوم ولا صلاة ولا حج ولا عمرة ولا صدقة ولا جهاد ولا صرف ولا عدل"
(2)
.
وفي بدائع الفوائد: "من خط القاضي أبي يعلى: قال أبو الفرج الهمداني سمعت المروزي يقول: سئل أحمد عما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله احتجز التوبة عن صاحب بدعة وحجب التوبة إيش معناه؟ فقال أحمد: لا يوفق ولا يُيسر حب بدعة لتوبة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما قرأ هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم أهل الأهواء والبدع ليست لهم توبة""
(3)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا قال أئمة المسلمين كسفيان الثوري أن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن البدعة لا يتاب منها والمعصية يتاب منها، ومعنى قولهم "أن البدعة لا يتاب منها": أن المبتدع الذي يتخذ دينًا لم يشرعه الله ورسوله قد زين له سوء عمله فرآه حسنًا فهو لا يتوب ما دام يراه حسنًا؛ لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه أو أنه ترك حسنًا مأمورًا به أمر إيجاب أو أمر استحباب ليتوب ويفعله فما دام يرى فعله حسنًا وهو سيء في نفس الأمر فإنه لا يتوب ولكن التوبة ممكنة وواقعة بأن يهديه الله ويرشده حتى يتبين له الحق كما هدى سبحانه وتعالى من هدى من الكفار والمنافقين وطوائف أهل البدع والضلال وهذا يكون بأن يتبع من الحق ما علمه
…
"
(4)
.
(1)
السنة لعبد الله بن الإمام أحمد 2/ 412، الشريعة للآجري ص 205.
(2)
الشريعة للآجري ص 64.
(3)
بدائع الفوائد 4/ 48.
(4)
مجموع الفتاوى 10/ 9، التحفة العراقية 1/ 38.