الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بموته صلى الله عليه وسلم واستقرت الشريعة بموته صلى الله عليه وسلم أمِن الناس من زيادة القرآن ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم والمقتضي للعمل قائم بسنته صلى الله عليه وسلم فعمل المسلمون بمقتضى سنته وذلك العمل من سنته وإن كان يسمى هذا في اللغة بدعة، وصار هذا كنفي عمر رضي الله عنه ليهود خيبر ونصارى نجران ونحوهم من أرض العرب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عهد بذلك في مرضه فقال:"أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" وإنما لم ينفذه أبو بكر رضي الله عنه لاشتغاله عنه بقتال أهل الردة وبشروعه في قتال فارس والروم وكذلك عمر لم يمكنه فعله في أول الأمر لاشتغاله بقتال فارس والروم فلما تمكن من ذلك فعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان هذا الفعل قد يسمى بدعة في اللغة كما قال له اليهود كيف تخرجنا وقد أقرنا أبو القاسم وكما جاءوا إلى علي رضي الله عنه في خلافته فأرادوا منه إعادتهم وقالوا كتابك بخطك فامتنع من ذلك لأن ذلك الفعل من عمر كان بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان محدثًا بعده، ومغيرًا لما فعله هو صلى الله عليه وسلم"
(1)
.
4 - تمسكوا بأقوال لعلماء أجلاء ولم يعرفوا مرادهم من أقوالهم:
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "قال الشَّافِعِيّ: "الْبدْعَة بدْعَتَانِ: مَحْمُودَة وَمَذْمُومَة، فَمَا وَافَقَ السُّنَّة فَهُوَ مَحْمُود وَمَا خَالَفَهَا فَهُوَ مَذْمُوم" أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم بِمَعْنَاهُ مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن الْجُنَيْد عَنْ الشَّافِعِيّ.
وَجَاءَ عَنْ الشَّافِعِيّ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبه قَالَ: "الْمُحْدَثَات ضَرْبَانِ مَا أُحْدِث يُخَالِف كِتَابًا أَوْ سُنَّة أَوْ أَثَرًا أَوْ إِجْمَاعًا فَهَذِهِ بدْعَة الضَّلَال، وَمَا أُحْدِث مِنْ الْخَيْر لَا يُخَالِف شَيْئًا مِنْ ذلِكَ فَهَذِهِ مُحْدَثَة غَيْر مَذْمُومَة""
(2)
.
وقال ابن العربي في شرح قوله: "وإياكم ومحدثات الأمور": "ليس المحدث والبدعة مذمومًا للفظ محدث وبدعة ولا لمعناها، وإنما يذم من البدعة ما خالف
(1)
اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 591، 592.
(2)
فتح الباري 13/ 253، جامع العلوم والحكم 2/ 131، الحلية 9/ 113.
السنة، ويذم من المحدثات ما دعا إلى ضلالة"
(1)
.
وقال ابن الأثير: "البدعة بدعتان: بدعة هدى وبدعة ضلال. فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعًا تحت عموم ما ندب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء، وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به
…
وقوله: "كل محدثة بدعة" إنما يريد ما خالف أصول الشريعة، ولم يوافق السنة؛ وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفًا في الذم"
(2)
.
وقال النووي: "البدعة بكسر الباء في الشرع: هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة"
(3)
.
وقال القاضي عياض: "كل ما أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهو بدعة، والبدعة فعل ما لم يسبق إليه، فما وافق أصلًا من السنة يقاس عليها فهو محمود، وما خالف أصول السنن فهو ضلالة"
(4)
.
* وللرد على ذلك نقول: إن استدلالاتكم هذه مخالفة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وللرد على ذلك نقول:
قال ابن رجب: "قوله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة" من جوامع الكلام لا يخرج عنه شيء وهو أصل عظيم من أصول الدين"
(5)
.
وقال ابن عثيمين: "وما ادعاه العلماء من أن هناك بدعة حسنة. فلا تخلو من حالين:
(1)
عارضة الأحوذي لابن العربي 9/ 147.
(2)
النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: "ب د ع" لسان العرب: "ب د ع".
(3)
تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 22 - 23، شرح النووي لصحيح مسلم 6/ 154 وانظر قول الخطابي في معالم السنن 14/ 301.
(4)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض 1/ 218 - 219.
(5)
جامع العلوم والحكم 2/ 128.
1 -
أن لا تكون بدعة لكن يظنها بدعة.
2 -
أن تكون بدعة فهي سيئة لكن لا يعلم عن سوئها.
فكل ما ادعي أنه بدعة حسنة فالجواب عنه بهذا. وعلى هذا فلا مدخل لأهل البدع في أن يجعلوا من بدعهم بدعة حسنة وفي يدنا هذا السيف الصارم من رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل بدعة ضلالة""
(1)
.
فتقسيم البدعة الشرعية إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة ليس بصحيح، بل البدع كلها محدثة وضلالة، والبدع إنما تكون في العبادات، فأما البدع الدنيوية كالمصانع والمراكب والملابس والمساكن فلا يقال لها بدع وإنما هي عادات.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على هذا التقسيم: "وأما مقامهم الثاني فيقال هب أن البدع تنقسم إلى حسن وقبيح فهذا القدر لا يمنع أن يكون هذا الحديث دالًا على قبح الجميع لكن أكثر ما يقال إنه إذا ثبت أن هذا حسن يكون مستثنى من العموم وإلا فالأصل أن كل بدعة ضلالة فقد تبين أن الجواب عن كل ما يعارض به من أنه حسن وهو بدعة إما بأنه ليس ببدعة وإما بأنه مخصوص فقد سلمت دلالة الحديث وهذا الجواب إنما هو عما ثبت حسنه فأما أمور أخرى قد يظن أنها حسنة وليست بحسنة أو أمور يجوز أن تكون حسنة ويجوز أن لا تكون حسنة فلا تصلح المعارضة بها بل يجاب عنها بالجواب المركب وهو إن ثبت أن هذا حسن فلا يكون بدعة أو يكون مخصوصا وإن لم يثبت أنه حسن فهو داخل في العموم وإذا عرفت أن الجواب عن هذه المعارضة بأحد الجوابين فعلى التقديرين الدلالة من الحديث باقية لا ترد بما ذكروا ولا يحل لأحد أن يقابل هذه الكلمة الجامعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلية وهي قوله "كل بدعة ضلالة" بسلب عمومها
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 5/ 248.