الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتماده على المسبب وهو الله عز وجل"
(1)
.
5 - مسألة: قول توكلت على الله ثم عليك:
سُئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله عن قول: "متوكل على الله ثم عليك يا فلان؟ ": فأجاب: "شرك. يقول موكلك ولا يقول موكل الله ثم موكلك على هذا الشيء، هذه عامية، وليست في محلها"
(2)
.
وقال محقق الفتاوى الشيخ محمد بن قاسم رحمه الله: "والفرق بين هذا وبين أعوذ بالله ثم بك أنه تجوز الاستعاذة بالمخلوق مفردًا فيما يقدر عليه، بخلاف التوكل فإنه كله عبادة، كما لا يجوز أسجد لله ثم لك يا فلان، أو أعبد الله، ثم أعبدك يا فلان"
(3)
.
وسُئل الشيخ محمد بن إبراهيم عن قول بعض العامة توكلت عليك يا فلان في كذا؟ قال: "هذا شرك أما التوكيل فيجوز لأنه استنابة"
(4)
.
6 - كيف يستكمل العبد مقام التوكل وتثبت قدمه فيه:
التوكل على الله حال مركب من عدة درجات لا تتم حقيقته إلا بها وهي
(5)
:
الأولى: معرفة بالرب وصفاته من قدرته وكفايته وقيوميته، وانتهاء الأمور إلى علمه، وصدورها عن مشيئته، واليقين بكفاية وكيله، وكمال قيامه بما وكله إليه، وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك
(6)
.
قال ابن القيم: "وهذه المعرفة أول درجات يضع بها العبد قدمه في مقام التوكل،
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 1/ 104.
(2)
فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 1/ 170.
(3)
حاشية على فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 1/ 170.
(4)
فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 1/ 170. وانظر معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر أبو زيد ص 153.
(5)
مدارج السالكين 2/ 117.
(6)
طريق الهجرتين ص 239.
ونقل عن شيخ الإسلام قوله: ولذلك لا يصح التوكل ولا يتصور من فيلسوف ولا من القدرية النفاة القائلين بأنه يكون في ملكه ما لا يشاء، ولا يستقيم أيضا من الجهمية النفاة لصفات الرب جل وجلاله، ولا يستقيم التوكل إلا من أهل الإثبات"
(1)
.
الثانية: إثبات الأسباب ورعايتها والأخذ بها.
الثالثة: رسوخ القلب في مقام توحيد التوكل.
فإنه لا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده؛ بل حقيقة التوكل توحيد القلب، فما دامت فيه علائق الشرك فتوكله معلول مدخول، وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل
(2)
.
الرابعة: اعتماد القلب على الله واستناده إليه وسكونه إليه وطمأنينته به والثقة بتدبيره، كما قال بعض العارفين:"المتوكل كالطفل لا يعرف شيئا يأوي إليه إلا ثدي أمه، كذلك المتوكل لا يأوي إلا إلى ربه"
(3)
، ولذلك قال ابن القيم:"التوكل معنى يلتئم من أصلين: الثقة، والاعتماد، وهو حقيقة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} [الفاتحة: 5] "
(4)
.
الخامسة: حسن الظن بالله عز وجل.
قال ابن القيم: "والتحقيق أن حسن الظن به يدعوه إلى التوكل عليه؛ إذ لا يتصور التوكل على من ساء ظنك به، ولا التوكل على من لا ترجوه والله أعلم"
(5)
.
وفي الحديث القدسي قال الله عز وجل: "أنا عند ظن عبدي بي"
(6)
وقال صلى الله عليه وسلم قبل
(1)
مدارج السالكين 2/ 118.
(2)
مدارج السالكين 2/ 120.
(3)
المصدر نفسه 2/ 121.
(4)
مدارج السالكين 1/ 75.
(5)
مدارج السالكين 2/ 121.
(6)
أخرجه البخاري (7405)، ومسلم (2675).