الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
72 - التحاكم إلى غير ما أنزل الله
*
التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واجب ويجب الرضا بذلك والتسليم له، ومن اختار التحاكم إلى غير الشريعة الإسلامية فليس بمؤمن وإن ادعى أنه يقصد الإصلاح، ومن تحاكم إلى غير ما أنزل الله فهو متحاكم إلى الطاغوت وإن سماه بأي اسم كالنظام والقانون وغير ذلك.
وها هنا أربع مسائل متصلة ببعضها، وينبغي التفريق بينها:
1 -
طاعة العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله.
2 -
المُشرِّع الذي يضع القانون والأحكام.
3 -
الحكم بغير ما أنزل الله.
4 -
التحاكم إلى غير ما أنزل الله.
فأما المسألة الأولى: فسوف يأتي الكلام عن خطرها وأحكامها في باب (طاعة العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله).
وأما المسألة الثانية: فهو المُشرِّع الذي يضاهي حكم الله بما وضع من قوانين وأحكام تخالف حكم الله ورسوله وهذا كافر بالله عز وجل كفرًا أكبر.
والمسألة الثالثة: الحكم بغير ما أنزل الله فهو ما يقضي به الحاكم أو القاضي أو
* مجموع الفتاوى 3/ 267. أعلام الموقعين 1/ 50. البداية والنهاية لابن كثير 13/ 118. تفسير ابن كثير من الآية ص 256 من سورة النساء تعليق أحمد شاكر. الدرر السنية 10/ 252، أضواء البيان 4/ 90، 93. تيسير العزيز الحميد ص 561. فتح المجيد ص 461 حاشية كتاب الوحيد لابن قاسم ص 283. القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 2/ 275 ط 2 - 2/ 334 ومن المجموع 10/ 749. فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 544. القول السديد لابن سعدي المجموعة 3/ 40 شرح مسائل الجاهلية للسعيد 2/ 877. شرح مسائل الجاهلية ص 111. الحكم بغير ما أنزل الله د: عبد الرحمن المحمود. نواقض الإيمان القولية والعملية ص 294 وما بعدها.
من ولي أمرا يحكم فيه فهذا فيه تفصيل يأتي في باب (الحكم بغير ما أنزل الله.
أما المسألة الرابعة: التحاكم إلى غير ما أنزل الله فهو أن يعمد المرء إلى تحكيم غير شرع الله مريدا به الفصل في قضايا أو قضية معينة مختارا دون عارض كإكراه وله صور سوف نأتي على ذكرها في آخر الباب.
قال الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد عَرف أنه لا يأخُذُ الرّشوة. وقال المنافق نتحاكم إلى اليهود. لعلمه أنهم يأخذون الرّشوة. فاتفقا على أن يأتيا كاهنًا في جهينة فيتحاكما إليه فنزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ}
(1)
.
وقيل نزلت في رجلين اختصما فقال أحدهما: نترافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الآخر إلى كعب بن الأشرف ثم ترافعا إلى عمر فذكر له أحدهما القصة. فقال للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وسلم: أكذلك، قال: نعم فضربه بالسيف فقتله
(2)
.
(1)
أخرجه الطبري في التفسير 5/ 152، 153، رقم (9891، 9892، 9893) قال ابن حجر: بإسناد صحيح. فتح الباري 5/ 37.
(2)
أخرجه الثعلبي كما في الدر المنثور والكلبي كما في فتح الباري عن ابن عباس قال ابن حجر: وهذا الإسناد وإن كان ضعيفًا لكن تقوى بطريق مجاهد. وأخرجه الطبري في التفسير (5/ 154) رقم (9901) بإسناد صحيح. انظر فتح المجيد ص 471.
وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} [النساء: 65]. وقال عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ} [النساء: 59].
وقال تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: 114].
وقال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة: 50].
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36].
وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10].
* الدليل من السنة: عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به"
(1)
.
وعن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: "يا أيها الناس: إني قد تركت فيكم، ما إن اعتصمتم به فلن تضلو أبدا، كتاب الله
(1)
قال النووي: حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح. جامع العلوم والحكم 2/ 393. وقال ابن رجب: "تصحيح هذا الحديث بعيد جدًا من وجوه ذكرها وتعقبه بعضهم" المصدر السابق 2/ 394. قال الشيخ سليمان بن عبد الله ومعناه صحيح قطعا وإن لم يصح إسناده وأصله في القرآن كثير. تيسير العزيز الحميد 574، وكان سماحة الشيخ العزيز بن باز يستدل به كما في كتابه "وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه" ضمن مجموع الفتاوى 3/ 1005.