الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن القيم: "الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبه بالجمل في بروكه، والجمل إذا برك إنما يبدأ بيديه قبل ركبتيه وهذا موافق لنهيه صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالحيوانات في الصلاة، فنهى عن التشبه بالغراب في النقر والتفات كالتفات ثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإقعاء كإقعاء الكلب ورفع الأيدي في السلام كأذناب الخيل وبروك كبروك البعير"
(1)
.
7 - تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال:
أما التشبه بالنساء فملعون فاعله -والعياذ بالله- وقد جاء في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنها أنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال"
(2)
. قال الطبري: "المعنى لا يجوز للرجل التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس
…
"
(3)
.
وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل"
(4)
.
ولا شك أن من فعل شيئًا من ذلك فإنه مستوجب للوعيد وهو اللعن، وضابط التشبه المعتبر في ذلك هو الغالب، فما كان من لباس الرجل وزينته غالبًا فتنهى المرأة عنه، وما كان من لباس المرأة وزينتها غالبًا فينهى الرجل عنه، فتشبه الرجل بالمرأة في لباسها وزينتها التي تختص بها، وفي كلامها وحركتها وغير ذلك محرم، وكذا تشبه المرأة بالرجل فيما ذكر وكل ما اختص به الرجال شرعًا أو عرفًا منع منه النساء، وكل ما اختصت النساء به شرعًا أو عرفًا منع منه الرجال، وما ورد من دليل
(1)
حاشية ابن القيم 3/ 52، زاد المعاد 1/ 224.
(2)
أخرجه البخاري (5885).
(3)
الفتح 10/ 345.
(4)
أخرجه أبو داود (4098)، والحاكم في المستدرك (4/ 194).
في اختصاص أحدهما دون الآخر بشيء فهو المعتبر ولا اعتبار للعرف إذا صادم نصًا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "
…
ومن هنا يظهر الضابط في نهيه صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء وعن تشبه النساء بالرجال، وأن الأصل في ذلك ليس هو راجعًا إلى مجرد ما يختاره الرجال والنساء ويشتهونه ويعتادونه، فإنه لو كان كذلك لكان إذا اصطلح قوم علي أن يلبس الرجال الخُمر التي تغطي الرأس والوجه والعنق، والجلابيب التي تسدل من فوق الرؤوس حتيلا يظهر من لابسها إلا العينان، وأن تلبس النساء العمائم والأقبية المختصرة ونحو ذلك أن يكون هذا سائغًا، وهذا خلاف النص والإجماع"
(1)
.
وكذلك إذا ورد الدليل الشرعي بجوازه للرجل أو المرأة فإنه لا يختص به أحدهما عن الآخر فإن الرسول صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من فضة وكان فصه منه، ومعلوم أن حلي الفضة من خواص النساء، وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ألغى هذه الخصوصية، ومن الأدلة أيضًا جواز خضاب الرجل لشعر رأسه ولحيته بالحناء، وجواز الأعلام اليسيرة من الحرير لورود الدليل بذلك
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى 22/ 146، 147.
(2)
انظر: فتح الباري 10/ 284.