الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
90 - التوحيد وأقسامه
*
قال ابن فارس: "الواو والحاء والدال أصل واحد يدل على الانفراد"
(1)
.
وقال الجوهري: "وتوحَّد برأيه: تفرد به"
(2)
.
وقال الفيروز آبادي: "وُحِد كعُلِم وكُرم يحدُ -فيهما- وحادةً، ووحودةً ووحُودًا، ووحْدًا، وَوُحْدَة، وَحِدَةً: بَقي مُفردًا كتوحَّد، ووحَّده توحيدًا جعله واحدًا"
(3)
.
وفي الشرع: قال ابن عثيمين هو: "إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به"
(4)
.
* مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 10/ 331. منهاج السنة النبوية 3/ 313. اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 844. قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة 20، 308، 309. مدارج السالكين 1/ 48، 51. لوامع الأنوار للسفاريني 1/ 57. الدرر السنية 1/ 65، 67، 83، 2/ 43، 54، 67، 72، 76، 100، 125، 8/ 86، 224، 12/ 472. تيسير العزيز الحميد ص 33، 36. فتح المجيد ص 38. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 11. القول السديد لابن سعدي المجموعة 3/ 10. القول المفيد لابن عثيمين ط 11/ 5، ط 2 - 1/ 11 ومن المجموع 9/ 1. فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 20. الدين الخالص لصديق حسن القنوجي 1/ 56. مجموع الفتاوى لابن باز 1/ 9. معارج القبول 1/ 285. أهم المهمات لابن سعدي من المجموعة 3/ 61. شجرة الإيمان للسعدي من المجموعة 3/ 375، 392، 211. مجموع الفتاوى لابن عثيمين 1/ 15 - 7/ 15. مذكرة التوحيد عبد الرزاق عفيفي ص 3، 20. دعوة التوحيد محمد خليل هراس 10/ 69. منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله 1/ 16. منهج الشافعي في إثبات العقيدة ص 229. ابن رجب وأثره في توضيح العقيدة للغفيلي ص 137 إلى 148. جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية ص 81. منهج ابن حجر في العقيدة ص 205 إلى 244. علم التوحيد د: الربيعة ص 29. تجريد التوحيد للمقريزي ص 45.
(1)
معجم مقاييس اللغة (وحد). وانظر الصحاح للجوهري 2/ 547.
(2)
الصحاح (و ح د).
(3)
القاموس المحيط (و ح د).
(4)
شرح ثلاثة الأصول من مجموع فتاوى ابن عثيمين 6/ 33.
وقال أيضًا: "إفراد الله - سبحانه بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات"
(1)
.
والمعنى اعتقاد أنه إله واحد لا شريك له ولا نظير ولا ند ولا مثل مع التوجه إليه وحده بالعبادة سبحانة؛ لأنه المنفرد بما له من ذات وصفات لا يشاركه فيها أحد سواه. فهو واحد في إلاهيته لا إله غيره. واحد في ربوبيته لا رب سواه. وواحد في كل ما ثبت له من صفات الكمال التي لا تنبغي إلا له.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "وسمي دين الإسلام توحيدا، لأن مبناه على أن الله واحد في ملكه وأفعاله لا شريك له، وواحد في ذاته وصفاته لا نظير له، وواحد في إلهيته وعبادته لا ند له، وإلى هذه الأنواع الثلاثة ينقسم توحيد الأنبياء والمرسلين الذين جاؤوا به من عند الله"
(2)
.
وقال السفاريني هو: "إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته ذاتا وصفات وأفعالًا"
(3)
.
والمعبود هو الله وحده، فالإيمان بالله سبحانه يتضمن توحيده: في ربوبيته، وفي ألوهيته، وفي أسمائه وصفاته
(4)
.
وقد استوفيت الأدلة على التوحيد في أول الكتاب باب (لا إله إلا الله).
* بم يكون التوحيد؟
التوحيد لا يكون باللسان فقط. قال الشيخ محمد بن إبراهيم: "بل إجماع بين أهل العلم أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل فلا بد من الثلاثة؛ لا بد أن يكون هو المعتقد في قلبه، ولا بد أن يكون هو الذي ينطق به لسانه، ولا بد أن يكون
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 9/ 1.
(2)
تيسير العزيز الحميد ص 32، 33.
(3)
لوامع الأنوار للسفاريني 1/ 57.
(4)
شرح الطحاوية ص 76، تيسير العزيز الحميد ص 7، الروضة ص 9، ودعوة التوحيد ص 10.
هو الذي تعمل به جوارحه فلو وحد بلسانه دون قلبه ما نفعه توحيده، ولو وحد بقلبه وأركانه دون لسانه ما نفعه ذلك، ولو وحد بأركانه دون الباقي لم يكن الرجل مسلمًا هذا إجماع أن الإنسان لا بد أن يكون موحدا باعتقاده ولسانه وعمله"
(1)
.
وينقسم التوحيد إلى ثلاثة أنواع معروفة مشهورة
(2)
:
النوع الأول: توحيد الربوبية هو الاقرار بأن الله هو الخالق الرازق المحي المميت المدبر لجميع الأمور، وهذا النوع من التوحيد أقر به المشركون ولم يدخلهم إقرارهم به في الإسلام.
النوع الثاني: توحيد الألوهية وهو إفراد الله بالعبادة وهذا النوع هو الذي فيه الخصومة بين الأنبياء وأممهم.
النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات، وهو أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
قال الجرجاني: "وهو ثلاثة أشياء: معرفة الله تعالى بالربوبية، والإقرار بالواحدانية، ونفي الأنداد عنه جملة"
(3)
.
وبعض العلماء أعاد هذه الأنواع الثلاثة إلى نوعين:
النوع الأول: في العلم والاعتقاد ويدخل فيه توحيد الله في الربوبية وتوحيده في الأسماء والصفات. ويسمى التوحيد العلمي لتعلقه بالأخبار والمعرفة
(4)
.
النوع الثاني: في الإرادة والقصد وهو توحيد الله في ألوهيته سبحانه
(5)
.
فهذان نوعان فيهما الثلاثة الأول ودل على هذا التقسيم الاستقراء والتتبع إذ أن
(1)
شرح كشف الشبهات ص 126.
(2)
وقد أفردت لكل منها بابًا فليراجع.
(3)
التعريفات ص 96.
(4)
انظر باب (توحيد المعرفة والإثبات).
(5)
انظر باب (توحيد القصد والطلب).
جميع أنواع التوحيد تدور على هذه الأقسام الثلاثة
(1)
.
قال العلامة ابن القيم: "وأما التوحيد الذي دعت إليه رسل الله ونزلت به كتبه، فوراء ذلك كله، وهو نوعان: -توحيد في المعرفة والإثبات- وتوحيد في الطلب والقصد.
فالأول: هو حقيقة ذات الرب تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله وعلوه فوق سماواته على عرشه وتكلمه بكتبه وتكليمه لمن شاء من عباده وإثبات عموم قضائه وقدره وحكمه. وقد أفصح القرآن عن هذا النوع جد الإفصاح. كما في أول سورة الحديد، وسورة طه، وأخر سورة الحشر، وأول سورة تنزيل السجدة، وأول سورة آل عمران، وسورة الإخلاص بكاملها وغير ذلك.
النوع الثاني: مثل ما تضمنته سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وقوله: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] الآية وأول سورة تنزيل الكتاب وآخرها وأول سورة يونس ووسطها وآخرها وأول سورة الأعراف وآخرها، وجملة سورة الأنعام، وغالب سور القرآن، بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة لنوعي التوحيد، بل نقول قولا كليا: إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد شاهدة به داعية إليه فإن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري، وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكملاته، وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد.
فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم، فـ
(1)
انظر كتاب القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد لعبد الرزاق العباد حفظه الله.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ} توحيد، {رَبِّ الْعَالَمِينَ} توحيد، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} توحيد، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} توحيد، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} توحيد، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} توحيد، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} توحيد، متضمن لسؤال الهداية إلى طريق أهل التوحيد، الذين أنعم الله عليهم {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} الذين فارقوا التوحيد"
(1)
.
وقال الإمام ابن بطة العكبري المتوفى سنة 387 هـ ما نصه: "وذلك أن أصل الإيمان بالله الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الإيمان به ثلاثة أشياء:
أحدها: أن يعتقد العبد ربانيته ليكون بذلك مباينا لمذهب أهل التعطيل الذين لا يثبتون صانعًا.
والثاني: أن يعتقد وحدانيته ليكون مباينا بذلك مذاهب أهل الشرك الذين أقروا بالصانع وأشركوا معه في العبادة غيره.
الثالث: أن يعتقد موصوفًا بالصفات التي لا يجوز إلا أن يكون موصوفًا بها من العلم والقدرة والحكمة وسائر ما وصف به نفسه في كتابه.
إذ قد علمنا أن كثيرًا ممن يقر به ويوحده بالقول المطلق قد يلحد في صفاته فيكون إلحاده في صفاته قادحا في توحيده.
ولأنا نجد الله تعالى قد خاطب عباده بدعائهم إلى اعتقاد كل واحدة من هذه الثلاث والإيمان بها.
فأما دعاؤه إياهم إلى الإقرار بربانيته ووحدانيته فلسنا نذكر هذا هنا لطوله وسعة الكلام فيه، ولأن الجهمي يدعي لنفسه الإقرار بهما وإن كان جحده للصفات قد أبطل دعواه لهما"
(2)
.
(1)
مدارج السالكين 3/ 449، 450.
(2)
الإبانة لابن بطة ص 693، 694 من النسخة الخطية عن القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد لعبد الرزاق العباد 1/ 29، 30.