الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الإحداد على الزعماء والوجهاء:
ورد سؤال على اللجنة الدائمة هذا نصه:
* السؤال: يذكر لنا أنه حصل في خبر الإذاعات أن هيئة الأمم المتحدة لما علمت بخبر موت رئيس دولة عضو في هيئة الأمم ظلّوا واقفين ساعة كاملة حزنا على المقتول، وفوق هذا أن جميع الدول الإسلامية سكَّرت أسواقها ونكست أعلامها مدة ثلاثة أيام. أما الدول المعنية فمدتها أربعون يومًا، وهذا مما يجب محاولة إزالته إذا كان الحديث ورد بالنهي عن النياحة على هذا الميت، فهذا مما هو شرّ منه، وهذا ليس حزنًا وإنما تعظيم. وإن كان حزنًا فليس بمشروع، وأنتم أعلم منا بذلك، كذلك هذه سنة اليهود؟
* الجواب: "ما يفعله بعض الناس من الوقوف زمنًا مع الصمت تحية للشهداء أو الوجهاء، أو تشريفًا أو تكريمًا لأرواحهم من المنكرات والبدع المحدثة التي لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه ولا السلف الصالح، ولا تتفق مع آداب التوحيد ولا إخلاص التعظيم لله، بل اتبع فيها بعض جهلة المسلمين بدينهم من ابتدعها من الكفار وقلدوهم في عاداتهم القبيحة وغلوّهم في رؤسائهم ووجهائهم أحياء وأمواتا، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مشابهتهم. والذي عُرف في الإسلام من حقوق أهله الدعاء لأموات المسلمين، والصدقة عنهم، وذكر محاسنهم والكفّ عن مساويهم
…
إلى كثير من الآداب التي بينها الإسلام وحث المسلم على مراعاتها مع إخوانه أحياءً وأمواتًا، وليس منها الوقوف حدادًا مع الصمت تحية للشهداء والوجهاء، بل هذا مما تأباه أصول الإسلام"
(1)
.
وقد صدرت فتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في حكم الإحداد على
(1)
مستفاد من كتاب فتاوى إسلامية. جمع محمد المسند الجزء الثاني ص 49، 50.
الملوك والزعماء. فقال رحمه الله: "وقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنهى عن الإحداد وتحذر منه إلا في حق الزوجة، فإنها تحد على زوجها أربعة أشهر وعشرًا كما جاءت الرخصة عنه صلى الله عليه وسلم للمرأة خاصة أن تحد على قريبها ثلاثة أيام فأقل، أما ما سوى ذلك من الإحداد فهو ممنوع شرعًا، وليس في الشريعة الكاملة ما يجيزه على ملك أو زعيم أو غيرهما، وقد مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم وبناته الثلاث وأعيان آخرون فلم يحدّ عليهم صلى الله عليه وسلم. وقتل في زمانه أمراء جيش مؤتة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله ابن رواحة رضي الله عنهم فلم يحد عليهم، ثم توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق وأفضل الأنبياء وسيد ولد آدم، والمصيبة بموته أعظم المصائب، ولم يحدّ عليه الصحابة رضي الله عنهم، ثم مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو أفضل الصحابة وأشرف الخلق بعد الأنبياء فلم يحدوا عليه، ثم قتل عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وهم أفضل الخلق بعد الأنبياء وبعد أبي بكر الصديق فلم يحدوا عليهم.
وهكذا مات الصحابة جميعًا فلم يحد عليهم التابعون، وهكذا مات أئمة الإسلام وأئمة الهدى من علماء التابعين ومن بعدهم؛ كسعيد بن المسيب وعلي ابن الحسين زين العابدين وابنه محمد بن علي وعمر بن عبد العزيز والزهري والإمام أبي حنيفة، وصاحبيه، والإمام مالك بن أنس والأوزاعي والثوري والإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة العلم والهدى فلم يحد عليهم المسلمون. ولو كان خيرًا لكان السلف الصالح إليه أسبق، والخير كله في اتباعهم والشر كله في مخالفتهم.
وقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أسلفنا ذكرها على أن ما فعله سلفنا الصالح من ترك الإحداد على غير الأزواج هو الحق والصواب، وأن ما يفعله الناس اليوم من الإحداد على الملوك والزعماء أمر مخالف للشريعة المطهرة مع ما يترتب عليه