الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النصوص ما يناقض ذلك، لأن تلك النصوص مشكلة ومتشابهة لا يعلم أحد معناها، وما لا يعلم معناه لا يجوز الاستدلال به، فيبقى هذا المذهب -أعني: مذهب التفويض- سدًّا لباب الهدى والبيان، وفتحًا لباب التأويل والضلال
(1)
.
وبهذا يتضح أن كلًّا من التأويل والتفويض في نصوص الصفات مجانب للحق، مخالف لمذهب السلف الموافق للكتاب والسنة والعقل الصريح.
الثالث: الرد عليه في زعمه أن طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم:
لَمّا كانت طريقة الخلف تخالف طريقة السلف في نصوص الصفات وكان من المتقرر بداهة أن السلف أفضل في الدين، وأصوب في العلم؛ درج المتكلمون على تبرير هذا الاختلاف بكون السلف رحمهم الله آثروا السلامة واختاروا الورع والاحتياط على الخوض في التأويل الذي هو الأعلم والأحكم -بزعمهم- ومن ثم تتابعوا على ترديد هذه المقالة:(مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم)
(2)
، وكان من أولئك ابن حجر -كما سبق نقله عنه قريبًا-.
وهذه المقالة تجمع بين الجهل بطريقة السلف والضلال بتصويب طريقة الخلف، وهي باطلة من وجوه:
1 -
أن هذه المقالة مبنية على ظن فاسد وخطأ ظاهر وهو اعتقاد أن مذهب السلف رحمهم الله هو تفويض معاني نصوص الصفات وهذا باطل؛ إذ مذهب السلف إثبات نصوص الصفات واعتقاد ما دلت عليه من المعاني وتفويض كيفياتها لا معانيها، وفرق بين الأمرين
(3)
.
(1)
انظر: درء التعارض (1/ 202، 205).
(2)
انظر: إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل للبدر بن جماعة (ص 93)، شرح المقاصد للتفتازاني (4/ 50)، شرح الخريدة البهية لأحمد الدردير (ص 42 - 43)، تحفة المريد للبيجوري (ص 91).
(3)
انظر: الحموية (ص 204 - 205)، درء التعارض (5/ 378).