الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول آراؤه في الصحابة
عرض ابن حجر رحمه الله لجملة من المسائل المتعلقة بالصحابة، وهي: تعريف الصحابة، وبيان فضلهم، والمفاضلة بينهم، والمفاضلة بينهم وبين من بعدهم، وبحث عدالتهم، ووجوب الإمساك عما شجر بينهم، وحكم سبهم.
وفيما يلي عرض آرائه في هذه المسائل وتقويمها.
أولًا: تعريف الصحابة:
عرّف ابن حجر رحمه الله الصحابة في مواطن كثيرة من كتبه أجمل في بعضها، وأسهب في أخرى بالنقل عن غيره
(1)
.
وأجمعها قوله: "الصحب: اسم جمع لصاحب، وهو من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ولو لحظة وإن لم يره ولم يرو عنه، مؤمنًا، ومات على الإيمان"
(2)
.
التّقويم:
الصّحابة: جمع صحابي.
وهو في اللغة: مشتقّ من الصّحبة، والصّحبة مصدر صحب فهو صاحب
(3)
.
(1)
انظر: المنهاج القويم (ص 10)، فتح الجواد (1/ 10)، المنح المكية (3/ 1175)، التعرف (ص 73)، البدائع الجليلة (ل 12)، الإيعاب (1/ 31 - 33).
(2)
المنهاج القويم (ص 10).
(3)
انظر: تهذيب اللغة (2/ 1978)، الصحاح (1/ 161)، لسان العرب (1/ 519)، القاموس المحيط (ص 134).
يقول ابن فارس: "الصّاد والحاء والباء أصل واحد يدلّ على مقارنة الشّيء ومقاربته، ومن ذلك الصّاحب، والجمع صحب
…
"
(1)
.
وأما في الاصطلاح:
فقد اختلف أهل العلم فيمن يصدق عليه اسم الصحابي، وتعددت تعريفاتهم له
(2)
.
يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "أصحّ ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، ومات على الإسلام.
فيدخل فيمن لقيه: من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يَرْوِ، ومن غزا معه أو لم يَغْزُ، ومن رآه رؤية ولم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى.
ويخرج بقيد "الإيمان": من لقيه كافرًا أو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتح به مرة أخرى.
وقولنا "به": يخرج من لقيه مؤمنًا بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة، وهل يدخل من لقيه منهم وآمن بأنه سيبعث أو لا يدخل؟ محل احتمال
…
ويدخل في قولنا "مؤمنًا به": كل مكلف من الجن والإنس
…
وهل تدخل الملائكة؟ محل نظر؛ وقد قال بعضهم: إن ذلك ينبني على أنه هل كان مبعوثًا إليهم أم لا؟
…
وفي صحة بناء هذه المسألة على هذا الأصل نظر لا يخفى.
وخرج بقولنا "ومات على الإسلام": من لقيه مؤمنًا به ثم ارتدّ ومات على ردته والعياذ بالله
…
ويدخل به من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت، سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لا
…
(1)
معجم مقاييس اللغة (ص 587).
(2)
انظر: سياق أقوالهم وأدلتهم في تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة للعلائي (ص 30 - 50).