الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد في تعريف الملائكة
الملائكة: جمع مَلَك، واختلف اللغويون في اشتقاقه من عدمه:
فقيل: هو جامد غير مشتق.
وقيل: هو مشتق، واختلف القائلون بذلك منهم في أصل مادة اشتقاقه
(1)
.
وقد أشار إلى ذلك ابن حجر رحمه الله فقال: "الملائكة: جمع مَلَك على غير قياس، أو جمع ملأك على مَفْعَل؟ إذ هو من الألوكة وهي الرسالة، ثم خفف بنقل الحركة والحذف فصار ملكًا، وقيل فيه غير ذلك"
(2)
.
والقول باشتقاقه، وأن أصله من الألوكة وهي الرسالة أصوب من جهة اللغة والمعنى.
يقول الحافظ - ابن جرير رحمه الله: "الملائكة: جمع ملاك، غير أن أحدهم بغير الهمزة أكثر وأشهر في كلام العرب منه بالهمز، وذلك أنهم يقولون في واحدهم: ملك من الملائكة
…
وقد يقال في واحدهم: مألك، فيكون ذلك مثل قولهم: جبذ وجذب، وشأمل وشمأل، وما أشبه ذلك من الحروف المقلوبة.
فمن قال: مَلأكًا فهو مَفْعل، من لأك إليه يلأك، إذا أرسل إليه رسالة ملأكة.
(1)
انظر: تهذيب اللغة (1/ 184)، معجم مقاييس اللغة (ص 88)، الصحاح (4/ 1611)، لسان العرب (10/ 392)، القاموس المحيط (ص 1203).
(2)
فتح المبين (ص 70)، وانظر: المنح المكية (1/ 215).
ومن قال: مَألْكًا فهو مَفْعل، من ألكت إليه آلك، إذا أرسلت إليه مألَكه وألوكًا
…
فسميت الملائكة ملائكة بالرسالة، لأنها رسل الله بينه وبين أنبيائه، ومن أرسلت إليه من عباده"
(1)
.
وقد ورد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مما يبين حقيقة الملائكة، ويوضح أوصافهم، آيات كثيرة، وأحاديث متعددة.
فمن الكتاب: قوله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75].
وقوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)} [فاطر: 1].
ومن السُّنَّة: قوله صلى الله عليه وسلم: "خلقت الملائكة من نور"
(2)
.
فالملائكة خلق من خلق الله تعالى، خلقهم لعبادته، واصطفاهم لقربه، واختصهم بتدبير أمره، وجعلهم سفراءه ورسله إلى خلقه.
وقد بَيّن ابن حجر رحمه الله حقيقة الملائكة، وشيئًا من صفاتهم فقال:"ومما يجب الإيمان به الملائكة: وهم أجسام من العناصر الأربعة لكن غلبت عليها النور، فنطقت، وتشكلت بالأشكال المختلفة، وقدرت على الأعمال التي لا يطيقها غيرهم، وكملت علمًا وعملًا، وعصمت من المخالفات، ولم تفتر عما سخرت له من الطاعة والقيام بمصالح العباد، ولا يوصفون بذكورة ولا أنوثة، ولهم من الكثرة ما لا يحيط بها إلا خالقها"
(3)
.
هذا وقد عرض ابن حجر في كلامه عن الملائكة لجملة من المسائل؟ كمعنى الإيمان بهم، وما يتضمنه، والمفاضلة فيما بينهم، والمفاضلة بينهم وبين صالحي البشر، وعصمتهم.
وفيما يلي عرض رأيه في هذه المسائل مع التعقيب عليها بتقويمها.
(1)
تفسير ابن جرير (1/ 134 - 135).
(2)
أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب في أحاديث متفرقة (4/ 2294) برقم (2996) من حديث عائشة رضي الله عنها به.
(3)
التعرف (ص 118 - 119).