الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - صفة النور:
يرى ابن حجر أن "النور بكل معانيه مستحيل على الله"
(1)
، وأن قول الله عز وجل:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] مؤول بـ"منوِّرهما أي: خالق نورهما، أو هادي أهلهما، أو مدبر أمرهما، أو منوّرهما بالنجوم كما أنه منوِّر القلوب بالدلائل"
(2)
.
التقويم:
النور صفة ذاتية لله تعالى ثابتة بالكتاب والسنة.
فمن الكتاب: قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35].
وقوله سبحانه: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النور: 35].
وقوله جل وعلا: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69].
ومن السُّنَّة: قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن
…
"
(3)
.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق خلقه في ظلمة، وألقى عليهم من نوره، فمن أصابه ذلك النور اهتدى، ومن أخطأ ضل
…
"
(4)
.
(1)
الإيعاب (1/ 24).
(2)
المصدر السابق (1/ 24).
(3)
أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب التهجد بالليل (1/ 335) برقم (1120)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1/ 532) برقم (769) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(4)
أخرجه الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة (5/ 26) برقم (2642)، وأحمد (11/ 2219)، برقم (6644)، وابن أبي عاصم في السنة (ص 107) برقم (241)، وعبد الله بن أحمد في السنة (2/ 424) برقم (932)، وابن حبان (14/ 43) برقم (6169) والآجري في الشريعة (2/ 757) برقم (337 - 338)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (4/ 604) برقم (1079)، والحاكم (1/ 30 - 31)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 203)، والسنن الكبرى (9/ 4) من طرق عن عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه به.
قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة، وقد احتجا بجميع رواته، ثم لم يخرجاه ولا أعلم له علة، وقال الذهبي: على شرطهما، ولا أعلم له علة.
وأورده الهيثمي في المجمع (7/ 193 - 194) وقال: "رواه أحمد بإسنادين
…
وأحد =
وقوله صلى الله عليه وسلم: "حجابه النور
…
" (1).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "النص في كتاب الله وسنة رسوله قد سمى الله نور السماوات والأرض، وقد أخبر النص أن الله نور، وأخبر أيضًا أنه يحتجب بالنور، فهذه ثلاثة أنوار في النص"
(2)
.
والنور المضاف إليه سبحانه على وجهين:
الأول: إضافة الصفة إلى موصوفها.
والثاني: إضافة المفعول إلى فاعله.
وكلاهما ثابت في حقه سبحانه
(3)
.
وبناء على ما سبق فإن النور صفة ثابتة في حق الله تعالى وهي على ما يليق بجلاله سبحانه شأنها شأن بقية صفاته
(4)
.
وأما زعم ابن حجر أن النور بكل معانيه مستحيل على الله، فهو زعم باطل من وجوه، منها:
1 -
أن قوله هذا مبني على ظن فاسد وهو أن النور المراد هو النور الواقع على الجدران المرئي في الشاهد، وليس الأمر كذلك، فإن هذا النور مخلوق منفصل عنه سبحانه وهو مختص بمحل دون آخر بخلاف نوره سبحانه
(5)
.
2 -
أن النور جاء في أسمائه وهذا الاسم مما تلقته الأمة بالقبول وأثبته الأئمة في أسمائه سبحانه، ومحال أن يسمي الله نفسه نورًا وليس له
= إسنادي أحمد ثقات"، والحديث صححه الألباني في تخريجه للسنة لابن أبي عاصم. أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينام"، وفي قوله: "حجابه النور" (1/ 161) برقم (293) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(2)
الفتاوى (6/ 386)، وانظر: مختصر الصواعق (2/ 194).
(3)
اجتماع الجيوش الإسلامية (ص 45).
(4)
انظر: الفتاوى (6/ 374 - 496)، اجتماع الجيوش الإسلامية (ص 44 - 52)، الكافية الشافية مع شرحها لهراس (2/ 105)، مختصر الصواعق المرسلة (2/ 188 - 205)، مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (3/ 99 - 1 - 2، 116 - 117).
(5)
انظر: مختصر الصواعق (2/ 192).
نور ولا صفة النور ثابتة له
(1)
.
3 -
أن النور صفة كمال وضده صفة نقص؛ ولهذا سمى الله نفسه نورًا وسمى كتابه نورًا وجعل لأوليائه النور ولأعدائه الظلمة فقال: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: 257]، ولو كان الله غير متصف بالنور الذي هو صفة كمال للزم أن يتصف بالظلمة التي هي صفة نقص فإنهما متقابلان تقابل السلب والإيجاب
(2)
.
4 -
أن إثبات النور لله تعالى هو قول الصفاتية كابن كلاب
(3)
والأشعري وأئمة أصحابهما، والقول بإنكاره إنما هو قول الجهمية والمعتزلة، فقول ابن حجر: إن النور بكل معانيه مستحيل على الله مخالف لقول أئمته الأوائل من الأشاعرة، وإن كان متأخروهم على نفيه! !
(4)
.
أما ما ذكره ابن حجر في قوله سبحانه: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] من تفسير النور فيها بالهادي أو المنوّر أو المدبر فهي أقوال مأثورة عن السلف في تفسير الآية
(5)
، وهي لا تنافي كون الله عز وجل نورًا في نفسه.
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: "القرآن والحديث وأقوال الصحابة صريح بأنه سبحانه وتعالى نور السماوات والأرض.
ولكن عادة السلف أن يذكر أحدهم في تفسير اللفظة بعض معانيها
(1)
انظر: مختصر الصواعق (2/ 189).
(2)
انظر: المصدر السابق (2/ 202).
(3)
هو عبد الله بن سعيد القطان، أبو محمد، المعروف بابن كلاب، رأس الكلابية، وشيخ الأشعري، وافق المعتزلة في بعض أفواله، وأحدث بدعة الكلام النفسي في الإسلام، توفي سنة 240 هـ، انظر: سير أعلام النبلاء (11/ 174 - 176)، طبقات الشافعية الكبرى (2/ 299).
(4)
انظر: الإبانة للأشعري (ص 117)، الفتاوى (6/ 379)، مختصر الصواعق المرسلة (2/ 196).
(5)
انظر: "تفسير ابن جرير"(9/ 320 - 321)، تفسير ابن أبي زمنين (3/ 235)، تفسير السمعاني (3/ 529)، تفسير البغوي (6/ 45)، تفسير ابن كثير (3/ 318 - 319).