الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثاني: الأقوال المروية عن بعض الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن بعدهم، وأكثرها لا تصح عنهم، ومن صحت عنه فهي معارضة بأقوال من خالفه
(1)
.
والثالث: القصص والحكايات التي تذكر عن بعض الصالحين ومدعي الولاية من رؤية الخضر والاجتماع به، والاحتجاج بها غير معتبر؛ إذ هي ليست حجة في نفسها، واحتمال الخطأ والكذب فيها غالب
(2)
.
وجملة القول أن "الأخبار الصحيحة النبوية، والمقدمات الراجحة العقلية، تساعد القائلين بوفاته عليه السلام أي مساعدة، وتعاضدهم على دعواهم أيَّ معاضدة، ولا مقتضى للعدول عن ظواهر تلك الأخبار
…
"
(3)
.
ومما سبق يتضح صواب ابن حجر رحمه الله في قوله بنبوة الخضر، وخطؤه في قوله بتعميره.
2 - إخوة يوسف عليه السلام:
يرى ابن حجر رحمه الله نبوة إخوة يوسف عليه السلام وأنهم الأسباط الوارد ذكرهم في قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [البقرة: 136]، وقوله سبحانه:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [النساء: 163]. حيث يقول في تفسيرهما:
"اتفقوا على أن المراد بالأسباط أولاد يعقوب فكوننا أمرنا بالإيمان بما أنزل إلى أبيهم وبما أنزل إليهم ظاهر ونص في أنه أنزل عليهم ما يجب الإيمان به إجمالًا، وهذا صريح في نبوتهم.
وعليه فقد يستشكل ما وقع منهم في هذه القصة من الأمور الكثيرة التي ظواهرها يجب تنزيه الأنبياء -صلى الله على نبينا وعليهم وسلم- عنها
(1)
انظر: البداية والنهاية (1/ 308 - 311)، الزهر النضر (ص 115 - 160)، فتح الباري (6/ 435).
(2)
انظر: المنار المنيف (ص 75)، فتح الباري (6/ 435)، روح المعاني (15/ 328).
(3)
روح المعاني (15/ 328).
بناء على الأصح بل الصواب أن الأنبياء جميعهم من الرسل وغيرهم معصومون قبل النبوة وبعدها من صغائر المعاصي وكبائرها عمدها وسهوها.
ويجاب: بأن ذلك يتأتى على مذهب كثيرين، بل نقل عن الأكثرين أن العصمة إنما هي بعد النبوة لا قبلها، والأولى أن يجاب بأن هذه الأمور إنما تشكل على قواعد شرعتنا أما على شرعهم فنحن لا ندريه، وبفرض أنه يوافق شرعتنا في ذلك فيحتمل أن لهم تأويلًا سوّغ لهم ارتكاب ما فعلوه، وتعبير كثير ببغيهم وحسدهم ونحو ذلك من العبارات التي ظاهرها لا يليق بهم إنما هو بناء على عدم نبوتهم كما هو قول فيهم
…
"
(1)
.
التقويم:
اتفق أهل العلم على أن المراد بالأسباط في الآيتين أبناء يعقوب، واختلفوا هل هم أبناؤه لصلبه أم لا؟
(2)
.
فمن قال إنهم أبناؤه من ذريته، حكم بعدم نبوة إخوة يوسف.
ومن قال إنهم أبناؤه لصلبه حكم بنبوة إخوة يوسف، واختلف هؤلاء في الجواب عما وقع منهم:
فقال بعضهم: إن زلتهم قد غفرت بندمهم، واستغفار أبيهم لهم، ولا يستحيل في العقل زلة النبي
(3)
، ويرد بأن الأنبياء معصومون من الكبائر -كما سيأتي-
(4)
.
وقال آخرون: إنهم لم يكونوا أنبياء حين فعلهم بأخيهم يوسف ذلك، وإنما نبأهم الله بعد توبتهم
(5)
، ويرد بأن القول الصحيح أن الأنبياء
(1)
أسنى المطالب (ص 260)، وانظر: المنح المكية (2/ 842، 845 - 746).
(2)
انظر: تفسير ابن جرير (1/ 618)، تفسير القرطبي (2/ 141)، تفسير ابن كثير (1/ 200).
(3)
انظر: تفسير ابن عطية (3/ 220)، تفسير القرطبي (9/ 133)، تفسير ابن سعدي (ص 363).
(4)
انظر: (ص 433).
(5)
انظر: تفسير ابن عطية (3/ 220)، تفسير القرطبي (9/ 133)، تفسير السعدي (ص 363).