الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد في تعريف القضاء والقدر والفرق بينهما
القضاء في اللغة: هو بالمدّ، ويقصر، أصله: قَضَايٌ؛ لأنّه من قضيت، إلا أنّ الياء لَمّا جاءت بعد الألف همزت.
يقول ابن فارس: "القاف والضّاد والحرف المعتلّ أصل صحيح يدلّ على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه"
(1)
.
ويطلق القضاء على معان عدّة منها: الأمر، والأداء، والحكم، والفراغ، والإعلام، والموت
(2)
.
والقدر في اللغة: مصدر قَدَرَ يَقدر قَدَرًا.
يقول ابن فارس: "القاف والدّال والرّاء أصل صحيح يدلّ على مبلغ الشيء وكنهه ونهايته"
(3)
.
ويطلق القدر على معان عدّة منها: الحكم، والقضاء، والطّاقة، والتّضييق، والتّقدير
(4)
.
والمراد بالقضاء والقدر في الشرع: علم الله بالأشياء قبل كونها، وكتابته لها في اللوح المحفوظ، ومشيئته سبحانه لوقوعها، وخلقه عز وجل لها على ما سبق به علمه وكتابته ومشيئته
(5)
.
(1)
معجم مقاييس اللغة (ص 893).
(2)
انظر: تهذيب اللغة (3/ 2986)، الصحاح (6/ 2463)، لسان العرب (15/ 186)، القاموس المحيط (ص 1708).
(3)
معجم مقاييس اللغة (ص 876).
(4)
انظر: تهذيب اللغة (3/ 2896)، الصحاح (2/ 786)، لسان العرب (5/ 74)، القاموس المحيط (ص 591).
(5)
انظر: شرح السنة (1/ 142)، معالم السنن (4/ 297)، شرح صحيح مسلم (1/ 217)، =
وقد اختلف أهل العلم في لفظي القضاء والقدر هل هما بمعنى واحد أم معان متغايرة، واختلف القائلون بالتّغاير بينهما في تحديد وجهه
(1)
.
يقول ابن حجر رحمه الله في ذلك: "اعلم أنّ من المهمّ الفرق بين القضاء والقدر، فإنّه قد استشكل، فالقضاء إيجاد جميع المخلوقات في اللوح، والتّقدير إيجادها في العيان، ولذلك قال تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2]، أي: فأبرزه على ما سبق في علمه، فجاء الوجود الخارجي على طبق الوجود العلمي"
(2)
.
وقال في موضع آخر: "القضاء -عند الأشعرية- إرادته الأزليّة المتعلّقة بالأشياء على ما هي عليه، والقدر: إيجاده إياها على قدر مخصوص وتقدير معيّن في ذواتها وأفعالها.
والقضاء: علمه أولًا بالأشياء على ما هي عليه، والقدر: إيجاده إيّاها على ما يطابق العلم"
(3)
.
وما ذكره ابن حجر رحمه الله هو مذهب بعض الأشاعرة لا كلّهم كما تُوهِمُ عبارته
(4)
.
= جامع الرسائل (2/ 355)، مجموع الفتاوى (3/ 148 - 149)، شفاء العليل (1/ 133)، فتح الباري (1/ 118)، لوامع الأنوار البهية (1/ 345)(1/ 349)، الدرر السنية (1/ 512)، فتاوى ابن عثيمين (2/ 79 - 81).
(1)
انظر: الأربعين في أصول الدين للغزالي (ص 24)، المفردات للراغب الأصفهاني (ص 422)، فتح الباري (11/ 149، 477)، عمدة القاري للعيني (23/ 145)، إرشاد الساري للقسطلاني (9/ 343)، الدين الخالص (3/ 154)، الدرر السنية (1/ 512)، فتاوى ابن عثيمين (1/ 52، 62)، وللاستزادة: القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة د. المحمود (ص 30).
(2)
أسنى المطالب (ص 35).
(3)
فتح المبين (ص 72).
(4)
انظر: الأربعين في أصول الدين للغزالي (ص 24)، المفردات للراغب الأصفهاني (ص 422)، فتح الباري (11/ 149، 477)، عمدة القاري للعيني (23/ 145)، إرشاد الساري للقسطلاني (9/ 343).
والرّاجح -والله أعلم- في هذه المسألة أنّ لفظي القضاء والقدر بينهما عموم وخصوص، فإذا أطلق القضاء مفردًا شمل القدر، وإذا أطلق القدر مفردًا شمل القضاء.
وأمّا إذا اجتمعا فالمراد بالقضاء ما يقضيه الله تعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير، والمراد بالقدر ما قدّره الله تعالى في الأزل، فالقدر سابق والقضاء لاحق
(1)
.
* * *
(1)
انظر: الدرر السنية (10/ 512 - 513)، فتاوى ابن عثيمين (1/ 52، 62).