الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن الصلاح
(1)
، والنووي
(2)
، وابن كثير
(3)
، والعراقي
(4)
(5)
، وابن حجر العسقلاني
(6)
، والسخاوي
(7)
، والألوسي
(8)
.
والعدالة الثابتة للصحابة رضي الله عنهم تعمّ جميعهم ممن لازم النبي صلى الله عليه وسلم ونصره ومن ليس له إلا مجرد رؤيته صلى الله عليه وسلم، لعموم الأدلة الدالة على عدالتهم، وثبوت معنى الصحبة لجميعهم؛ ولِمَا يلزم القول بقصرها على من لازم النبي صلى الله عليه وسلم من إخراج جملة ممن اشتهرت صحبته.
وما ذكره ابن حجر رحمه الله عن المازري وما تعقبه به ونقله عن الحافظ العلائي في الرد عليه مستفاد من كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحم الله الجميع -
(9)
.
وبكل حال فما قرره ابن حجر في هذه المسألة موافق لِمَا قرره أهل السنة والجماعة وأجمعوا عليه من إثبات العدالة لجميع الصحابة رضي الله عنهم.
سادسًا: وجوب الإمساك عما شجر بين الصحابة:
قرر ابن حجر رحمه الله وجوب الإمساك عما شجر بين الصحابة، وذكر أنهم مجتهدون فيما صدر منهم، واعترف بأن عليًّا كان أولى بالحق، ونبه على أن كثيرًا مما نقل من أخبارهم مكدوب أو ضعيف.
يقول في ذلك: "يجب الإمساك عما جرى بين الصحابة، بمعنى: أنه يجب على من تأهل إعطاء كل منهم ما يستحقه شرعًا، وغيره يلزمه اعتقاد
(1)
انظر: مقدمة ابن الصلاح (ص 146 - 147).
(2)
انظر: شرح صحيح مسلم (15/ 149).
(3)
انظر: اختصار علوم الحديث (2/ 498).
(4)
هو عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم، أبو الفضل، المعروف بزين الدين العراقي، أشعري المعتقد، شافعي المذهب، من مؤلفاته: ألفية الحديث المعروفة بالتبصرة والتذكرة، التقييد والإيضاح، تكملة شرح جامع الترمذي لابن سيد الناس وغيرها، توفي سنة 806 هـ.
انظر: الضوء اللامع (4/ 71)، ذيل طبقات الحفاظ للسيوطي (ص 370).
(5)
انظر: التبصرة والتذكرة (3/ 13 - 14).
(6)
انظر: الإصابة (1/ 162).
(7)
انظر: فتح المغيث (4/ 93).
(8)
انظر: الأجوبة العراقية (ص 10).
(9)
انظر: الإصابة (1/ 163 - 164).
ما عليه أهل السنة فيهم تفصيلًا إن سهل وإلا إجمالًا كما هو، لا الكف عن معرفة أخبارهم وسيرهم إلا لمن خشي عليه من الاطلاع عليها أن يعتقد في بعض منهم ما لا يليق به كما هو الغالب على العوام عند سماعها ممن لا يُبَيّنُ لهم الحق عند أهل السنة من مشكلها.
فتأمله فإنه الحق الذي تشهد له القواعد، ولهذا لم يبالوا بإطلاق الوجوب الموهم.
وكلهم عدول مأجورون لكن أجر المصيب أكثر كما صحّ به الخبر"
(1)
.
ويقول أيضًا: "ما وقع بين الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - من القتال مقصور على الدنيا فقط، وأما في الآخرة فكلهم مجتهدون مثابون، وإنما التفاوت بينهم في الثواب؛ إذ من اجتهد وأصاب كعلي - كرم الله وجهه
(2)
- وأتباعه له أجران
…
ومن اجتهد وأخطأ كمعاوية رضي الله عنهم له أجر واحد"
(3)
.
ويقول أيضًا: "فعلي رضي الله عنه مجتهد مصيب، فله أجران
…
ومقاتلوه كعائشة وطلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص ومن تبعهم من الصحابة الكثيرين من أهل بدر وغيرهم مجتهدون غير مصيبين، فلهم أجر واحد
…
"
(4)
.
ويقول أيضًا: "كثير مما نقل عنهم إما كذب، وإما في سنده علة أو علل
…
"
(5)
.
التقويم:
"الإمساك عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر زلاتهم، ونشرُ
(1)
التعرف (ص 125).
(2)
الأولى في حق علي أن يقال رضي الله عنه كغيره من الصحابة، ولا يخص بأي لفظ دونهم، وقول كرم الله وجهه في حق علي وتخصيصه به إنما عرف عن الرافضة ثم تسرب إلى غيرهم من أهل العلم، ولهم في ذلك تعليلات عليلة لا تصح.
انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (3/ 289)، معجم المناهي اللفظية (ص 454).
(3)
تطهير الجنان واللسان (ص 34).
(4)
المصدر السابق (ص 111).
(5)
المصدر السابق (ص 130).
محاسنهم ومناقبهم، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان الذين مدحهم الله عز وجل بقوله:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10] "
(1)
.
والقول بذلك هو ما عليه أهل السنة والجماعة قاطبة قولًا وعملًا
(2)
.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تقرير عقيدتهم: "ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساويهم: منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه.
والصحيح منه: هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون.
وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم، لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم
…
ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذين هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كُفِّرَ به عنه.
فإذا كان هذا في الذنوب المحققة؛ فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين: إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطؤوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور.
ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل مغمور في جنب فضائل
(1)
الإمامة والرد على الرافضة لأبي نعيم (ص 347).
(2)
انظر: الإمامة والرد على الرافضة لأبي نعيم (ص 341 - 342، 363)، الشرح والإبانة (ص 268)، تنزيه خال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان من الظلم والفسق لأبي يعلى (ص 85 - 88)، عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص 294)، مجموع الفتاوى (3/ 152 - 156)، سير أعلام النبلاء (10/ 92)، اختصار علوم الحديث (2/ 498 - 501)، شرح الطحاوية (2/ 722 - 725)، معارج القبول (3/ 1208).