الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسًا: إثبات إمامة الخلفاء الراشدين:
يرى ابن حجر رحمه الله أن الخلفاء الراشدين هم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والحسن رضي الله عنهم حيث يقول في شرحه لحديث العرباض بن سارية المتقدم، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".
قوله: "الخلفاء الراشدين المهديين" هم: أبو بكر فعمر فعثمان فعلي فالحسن- رضي الله تعالى عنهم-
…
والدلائل على اتصاف أولئك الخلفاء بالرشاد -وهو ضد الضلال- والهداية لأقوم طريق وأصوبه كثيرة مشهورة
…
"
(1)
.
وبين أن "استحقاقهم الخلافة على هذا الترتيب بلا تردد، وزَعْمُ أنه لا إجماع على خلافة علي باطل، وإنما هاجت الفتن لأمور أخرى"
(2)
.
فقال: "أحق الصحابة بالخلافة وأفضلهم أبو بكر، ثم عمر
…
ثم عثمان ثم علي"
(3)
.
"وعلم مما قدمته أنه [يعني: عليًّا] الحقيق بالخلافة بعد الأئمة الثلاثة بالإجماع، ولا اكتراث ولا التفات إلى من زعم أنه لا إجماع على خلافته"
(4)
.
وحكى إجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فقال:"اتفق الصحابة -رضوان الله عليهم- على ترتيبها وأن من توقف في ذلك فضلًا عن أن يطعن فيه فإنما هو بمجرد خداعه وعناده"
(5)
.
وقد أفاض ابن حجر رحمه الله في وصف أحداث خلافة الخلفاء الراشدين، والرد على الطاعنين في خلافتهم تفصيلًا بما يطول ذكره
(6)
.
(1)
فتح المبين (ص 220).
(2)
التعرف (ص 125).
(3)
المنح المكية (3/ 1251)، وانظر: أشرف الوسائل (ص 488).
(4)
المنح المكية (3/ 1264).
(5)
تطهير الجنان واللسان (ص 138)، وانظر: الفتاوى الحديثية (ص 208).
(6)
انظر: الصواعق المحرقة في الكلام على خلافة أبي بكر (1/ 30) وما بعدها، وخلافة عمر (1/ 251) وما بعدها، وخلافة عثمان (1/ 302) وما بعدها، وخلافة علي (1/ 341) وما بعدها، وخلافة الحسن (2/ 397) وما بعدها.
التقويم:
وردت النصوص بأن الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثون سنة، في الحديث عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك"
(1)
.
وقد نص جمع من أهل العلم في شرحه أن المراد بالخلافة فيه: خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والحسن رضي الله عنهم
(2)
.
فإن "خلافة أبي بكر الصديق سنتان وثلاثة أشهر، وخلافة عمر عشر سنين ونصف، وخلافة عثمان اثنتا عشرة سنة، وخلافة علي أربع سنين وتسعة أشهر، وخلافة الحسن ستة أشهر"
(3)
.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "والدليل على أنه أحد الخلفاء الراشدين [يعني: الحسن] الحديث الذي أوردناه
…
من طريق سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا"، وإنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي"
(4)
.
وما قرره ابن حجر رحمه الله من كون استحقاقهم للخلافة على هذا الترتيب
(1)
أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب من جاء في الخلفاء (5/ 37) برقم (4647)، والترمذي، كتاب الفتن باب ما جاء في الخلافة (4/ 436) برقم (2226)، وأحمد (36/ 248) برقم (21919)، وابن أبي عاصم في السنة (2/ 548) برقم (1181)، وعبد الله بن أحمد في السنة (2/ 591) برقم (1402)، والنسائي في الكبرى (5/ 47) برقم (8155)، وابن حبان (15/ 392) برقم (6943)، والطبراني في الكبير (1/ 89) برقم (136)، والحاكم (3/ 71)، والبيهقي في الدلائل (6/ 341) من طرق عن سعيد بن جُهمان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم به.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد بن جُهمان، ولا نعرفه إلا من حديث سعيد بن جُهمان".
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وصححه الألباني في تخريج السنة لابن أبي عاصم.
(2)
انظر: عارضة الأحوذي لابن العربي (9/ 71)، عون المعبود للعظيم آبادي (12/ 397 - 399)، تحفة الأحوذي للمباركفوري (6/ 477).
(3)
شرح الطحاوية (2/ 722).
(4)
البداية والنهاية (8/ 18).
بلا تردد هو ما عليه أهل السنة والجماعة
(1)
.
يقول الإمام الطحاوي رحمه الله في سياق عقيدتهم: "ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولًا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه تفضيلًا له وتقديمًا على جميع الأمة، ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم لعثمان رضي الله عنه ثم لعلي رضي الله عنه"
(2)
.
ويقول الإمام ابن بطة
(3)
رحمه الله: "ثم الإيمان والمعرفة بأن خير الخلق وأفضلهم
…
وأحقهم بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق
…
ثم من بعده على هذا الترتيب والصفة أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو الفاروق، ثم من بعدهما على هذا الترتيب والنعت عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو أبو عبد الله وأبو عمرو ذو النورين رضي الله عنه ثم على هذا النعت والصفة من بعدهم أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
…
فبحبهم وبمعرفة فضلهم قام الدين وتمت السنة وعدلت الحجة"
(4)
.
ويقول الإمام ابن قدامة رحمه الله: "وهو [يعني: أبا بكر] أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي رضي الله عنه لفضله وسابقته وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم وإجماع الصحابة على تقديمه ومبايعته ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة، ثم من بعده عمر رضي الله عنه لفضله وعهد أبي بكر إليه، ثم عثمان رضي الله عنه لتقديم أهل الشورى له، ثم علي رضي الله عنه لفضله وإجماع أهل عصره عليه"
(5)
.
وبما سبق يتضح موافقة ابن حجر رحمه الله لِمَا عليه أهل السنة والجماعة في إثباتهم الخلافة لهؤلاء الخمسة رضي الله عنهم وقولهم باستحقاتهم لها على هذا الترتيب.
(1)
انظر: العقيدة الطحاوية مع شرحها (2/ 698)، الشرح والإبانة (ص 257)، جامع بيان العلم وفضله (20/ 226 - 228)، عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص 290)، لمعة الاعتقاد (ص 27 - 28)، مجموع الفتاوى (3/ 153)، الوصية الكبرى (ص 33).
(2)
العقيدة الطحاوية مع شرحها (2/ 698).
(3)
هو عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري المشهور بابن بطة، حنبلي سلفي، من مؤلفاته: الإبانة الكبرى، والإبانة الصغرى، توفي سنة 387 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (16/ 529)، شذرات الذهب (3/ 122).
(4)
الشرح والإبانة (ص 257 - 261).
(5)
لمعة الاعتقاد (ص 27 - 28).