الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذم من جهة، ولورودها مقيدة لا مطلقة من جهة أخرى
(1)
.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأسماء التي فيها عموم وإطلاق لما يحمد وما يذم، لا توجد في أسماء الله الحسنى؛ لأنها لا تدل على ما يحمد به الرب ويمدح"
(2)
.
ويقول العلامة ابن القيم رحمه الله: "لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدًا أن يشتق له منه اسم مطلق، كما غلط بعض المتأخرين، فجعل من أسمائه الحسنى المضل، الفاتن، الماكر، تعالى الله عن قوله؛ فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه منها إلا أفعال مخصوصة معينة، فلا يجوز أن يسمى بأسمائها المطلقة"
(3)
.
ثالثًا: عدد أسماء الله، وتعيين الاسم الأعظم منها:
يرى ابن حجر رحمه الله أن أسماء الله غير محصورة في عدد معين، حيث يقول: "أسماء الله
…
لا تنحصر في التسعة والتسعين"
(4)
.
ويرى أن الاسم الأعظم منها هو (الله) حيث صرح بذلك في أكثر من موضع، وعزاه إلى أكثر أهل العلم في مواضع أخرى
(5)
، يقول في تقرير ذلك: "هو الاسم الأعظم عند أكثر أهل العلم
…
ورئيس الأسماء المقدم عليها الموصوف بها، ولم يتكرر غيره في القرآن تكرره؛ لأنه جاء فيه ألفي مرة وخمسمائة وستين مرة
…
ومما يؤيده أنه لا خلاف أن لفظ الجلالة أعرف المعارف، وأنه لم يسم به غير الله
…
"
(6)
.
(1)
انظر: بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (2/ 11)، بدائع الفوائد (1/ 183)، مختصر الصواعق المرسلة (2/ 24)، وللاستزادة: القواعد الكلية للأسماء والصفات لإبراهيم البريكان (ص 187 - 188)، دراسة عقدية لبعض الصفات التي يدعى أنها من باب المشاكلة د. يوسف السعيد (ص 26 - 27).
(2)
بيان تلبيس الجهمية (2/ 11).
(3)
بدائع الفوائد (1/ 183).
(4)
التعرف (ص 113).
(5)
انظر: الإيعاب (1/ 7)(1/ 43)، البدائع الجليلة (ص 6)، المنهاج القويم (ص 7)، فتح الجواد (1/ 7).
(6)
الإيعاب (1/ 7).
وبيّن أن وصف لفظ الجلالة (الله) بالاسم الأعظم لا يعني وصف ما عداه بالنقص؛ إذ "ليس المراد بوصفه بالأعظمية إلا من حيث دلالته على الذات التي لا يوازي عظمتها شيء، أو على وصفها الأعلى الذي لا يساويه غيره من بقية أوصافه، فكان الدال على أحد هذين بالنسبة لذلك أعظم من الدال على غيرهما، وإن كان كل أوصافه تعالى عظيمًا جليلًا"
(1)
.
التقويم:
أسماء الله الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تعد بعدد، فإن لله سبحانه أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، والقول بذلك هو مذهب سلف الأمة وأئمتها وهو قول جمهور العلماء
(2)
، ولم يخالفهم فيه إلا طائفة من المتأخرين كابن حزم وغيره
(3)
.
ومما يستدل به لذلك، ما يلي:
1 -
قوله صلى الله عليه وسلم: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك
…
"
(4)
.
فقوله: "أو استأثرت به في علم الغيب عندك " دليل على أن أسماء الله أكثر من تسعة وتسعين، وأن له أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها غيره
(5)
.
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من
(1)
الإيعاب (1/ 43).
(2)
انظر: شرح صحيح مسلم (17/ 5)، درء التعارض (3/ 332)، مجموع الفتاوى (22/ 482 - 486)، بدائع الفوائد (1/ 166)، فتح الباري (11/ 224)، إيثار الحق لابن المرتضى (ص 169)، وللاستزادة: أسماء الله الحسنى للغصن (ص 131)، معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله للتميصي (ص 69)، وما بعدها.
(3)
انظر: قوله في المحلى (1/ 36)، والرد عليه في المصادر السابقة.
(4)
تقدم تخريجه (ص 281).
(5)
انظر: شأن الدعاء للخطابي (ص 24)، شفاء العليل (2/ 758).
عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك"
(1)
.
"فأخبر أنه صلى الله عليه وسلم لا يحصي ثناء عليه، ولو أحصى أسماءه لأحصى صفاته كلها، فكان يحصي الثناء عليه، لأن صفاته إنما يعبر عنها بأسمائه"
(2)
.
3 -
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة-: "فيفتح علي من محامده بما لا أحسنه الآن"
(3)
.
ووجه الدلالة: أن تلك المحامد تتضمن بعض أسماء الله تعالى وصفاته
(4)
.
4 -
أن الأسماء الواردة في الكتاب والسنة أكثر من تسعة وتسعين، وعليه فلا يصح حصرها في العدد المذكور
(5)
.
ويتضح مما تقدم صحة ما ذهب إليه ابن حجر رحمه الله من القول بأن أسماء الله كير محصورة بعدد معين، وموافقته في ذلك لسلف الأمة وأئمتها وجمهور العلماء.
وأما تعيين الاسم الأعظم من أسماء الله فهو مما اختلف الناس في إمكانه من عدمه، والقائلون بإمكانه اختلفوا في تعيينه، والخلاف في ذلك جارٍ في أقوال أهل السنة والجماعة أنفسهم
(6)
.
(1)
أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود (1/ 352) برقم (486) من حديث عائشة رضي الله عنها به.
(2)
درء التعارض (3/ 332 - 333).
(3)
أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب ذرية من حملنا مع نوح (3/ 1458)، برقم (4712)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة (1/ 184) برقم (194) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه به.
(4)
بدائع الفوائد (1/ 161).
(5)
انظر: مجموع الفتاوى (22/ 482)، العواصم والقواصم لابن الوزير (7/ 228).
(6)
انظر: شرح مشكل الآثار (1/ 162)، شأن الدعاء للخطابي (ص 25)، مجموع الفتاوى (18/ 311)، مختصر الصواعق المرسلة (1/ 101)، فتح الباري (11/ 227)، الحاوي للفتاوي للسيوطي (1/ 394)، وللاستزادة: اسم الله الأعظم للدميجي (ص 109) وما بعدها، أسماء الله الحسنى للغصن (ص 90 - 98).
وما قرره ابن حجر رحمه الله من أن اسم الله الأعظم هو (الله) وعزوه القول بذلك لأكثر أهل العلم موافق لقول جماعة، منهم: ابن عباس رضي الله عنه
(1)
، والشعبي
(2)
(3)
، وجابر بن زيد
(4)
(5)
، وابن المبارك
(6)
(7)
، وأبو حنيفة
(8)
، والطحاوي
(9)
، وابن العربي
(10)
، والخطابي
(11)
، والقرطبي
(12)
، وعزاه الطرطوشي
(13)
، والسفاريني لأكثر أهل العلم
(14)
.
وهو القول الراجح -إن شاء الله- ومما يدل لذلك:
1 -
أن لفظ الجلالة (الله) هو الاسم المذكور في كل الأحاديث الواردة في بيان الاسم الأعظم، حيث ورد في بعضها بلفظ (الله) وفي
(1)
أخرجه ابن مردويه كما في الدر المنثور (1/ 23).
(2)
هو عامر بن شراحبيل بن ذي كبار الهمذاني الشعبي، أبو عمرو، الإمام، من فقهاء التابعين ومحدثيهم، حدث عن عدد من الصحابة، توفي سنة 104 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (4/ 294)، شذرات الذهب (1/ 126).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 273) برقم (9416) و (14/ 32) برقم (17462)، والدارمي في الرد على بشر المريسي (1/ 168) من طرق عن الشعبي به.
(4)
هو جابر بن زيد الأزدي اليحمري، أبو الشعثاء، من فقهاء التابعين، روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وغيرهم، توفي سنة 93 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (4/ 481)، شذرات الذهب (1/ 101).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 273) برقم (9415) و (14/ 32) برقم (17461)، والدارمي في الرد على بشر المريسي (1/ 169) من طرق عن أبي هلال الراسبي عن حيان الأعرج عن جابر بن زيد به.
(6)
انظر: الدعاء المأثور وآدابه للطرطوشي (ص 97).
(7)
هو عبد الله بن المبارك الحنظلي مولاهم، التركي ثم المروزي، أبو عبد الرحمن، أحد أئمة السلف وأعلامهم عبادة وعلمًا، من مؤلفاته: كتاب الزهد، توفي سنة (181 هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (8/ 378)، شذرات الذهب (1/ 295).
(8)
انظر: شرح مشكل الآثار (1/ 162).
(9)
انظر: المصدر السابق (1/ 161).
(10)
انظر: أحكام القرآن له (2/ 798).
(11)
انظر: شأن الدعاء (ص 25).
(12)
انظر: الجامع لأحكام القرآن (1/ 102).
(13)
هو محمد بن الوليد بن محمد بن خلف المهري، المالكي، المعروف بالطرطوشي، من مؤلفاته: الحوادث والمبدع، وتحريم الغناء، والرد على اليهود وغيرها، توفي سنة 530 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (19/ 490)، شذرات الذهب (4/ 62).
(14)
انظر: الدعاء المأثور وآدابه للطرطوشي (ص 96)، لوامع الأنوار (1/ 35).