الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحرف وصوت، حتى نبغ ابن كلاب فأحدث القول بأن كلام الله تعالى معنى نفسي ليس بحرف ولا صوت -وقد سبق نقل كلام أهل العلم في ذلك واعتراف بعض أئمة الأشاعرة به بما يغني عن إعادته-.
3 -
أن الكلام الحقيقي هو المنتظم من الحروف المسموعة الدال على المعاني المقصودة، وأما الكلام الذي يدعي الأشاعرة -ومنهم ابن حجر- ثبوته، ويزعمون أنه معنى نفسي قائم بالذات ليس بحرف ولا صوت فإنه غير معقول، وليس له حقيقة في الشرع ولا في اللغة
(1)
.
4 -
تناقض الأشاعرة -ومنهم ابن حجر- وخرقهم لإجماع الأمة الذي وافقوها عليه، ووقوعهم فيما أقروا إجماع الأمة على تحريمه، وبيان ذلك:
أ- أن الأمة مجمعة -ومنهم الأشاعرة- على أن ما بين دفتي المصحف كلام الله، وقد اتفق أهل العلم وجمهور الأمة على أن القرآن سور وآيات وحروف، واتفقوا على عد سوره وآياته وحروفه
(2)
.
ب- أن الأمة مجمعة -ومنهم الأشاعرة- على أن من أنكر حرفًا من كتاب الله فهو كافر، ولا شك أن كتاب الله متضمن لكلامه، فدل ذلك على إجماعهم على أن كلام الله حروف، وعلى تحريم إنكار حرف منه وكفر من قال بذلك
(3)
.
ثالثًا: الرد على قوله: إن المراد بسماع كلام الله خلق فهمه في القلب وسمعه في الآذان، لا سماعه حقيقة:
لما كانت الأدلة من الكتاب والسنة تدل على أن كلام الله مسموع، والمسموع لا يكون إلا صوتًا، والصوت لا يكون إلا حرفًا، لزم الأشاعرة -ومنهم ابن حجر- القول بأن كلام الله بصوت وحرف، وحينئذ اختلفوا في
(1)
انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص 81 - 82)، الصراط المستقيم (ص 38).
(2)
انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص 167)، الصراط المستقيم (ص 36)، البرهان في بيان القرآن (ص 56)، رسالة في القرآن وكلام الله لابن قدامة أيضًا (ص 165).
(3)
انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص 110)، الصراط المستقيم (ص 36)، البرهان في بيان القرآن (ص 53)، رسالة في القرآن وكلام الله (ص 165).
الجواب عن ذلك
(1)
، فكان منهم من تأول سماع كلام الله بخلق فهمه في القلب وسمعه في الآذان لا سماعه حقيقة، وهو القول الذي ارتضاه ابن حجر وعزاه إلى أهل السنة يريد بهم من قال به من الأشاعرة.
والحق أن كلام الله بصوت وحرف، وأنه مسموع على الحقيقة تارة بلا واسطة، وتارة من المبلغ عنه.
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: "قال أهل السنة والحديث: يسمع كلامه سبحانه منه تارة بلا واسطة كما سمعه موسى وجبرائيل وغيره، وكما يكلم عباده يوم القيامة، ويكلم أهل الجنة، ويكلم الأنبياء في الموقف، ويسمع من المبلغ عنه كما سمع الأنبياء الوحي من جبرائيل تبليغًا عنه، وكما سمع الصحابة القرآن من الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله، فسمعوا كلام الله بواسطة المبلغ، وكذلك نسمع نحن بواسطة التالي
…
"
(2)
.
وأما ما ذكره ابن حجر من كون معنى سماع كلامه سبحانه خلق فهمه في القلب وسمعه في الآذان لا سماعه حقيقة، وعزوه ذلك إلى أهل السنة فهو باطل من وجوه:
1 -
أن تأويل سماع كلام الله بخلق فهمه في القلب مُعَارض بما ورد في النصوص من التفريق بين الإيحاء إلى سائر النبيين وبين تكليم الله لموسى كقوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًاإِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} [النساء: 163 - 164].
"ففرق بين إيحائه إلى سائر النبيين، وبين تكليمه لموسى
…
فلو كان تكليمه لموسى إلهامًا، ألهمه موسى من غير أن يسمع صوتًا، لم يكن فرق بين الإيحاء إلى غيره والتكليم له؛ فلما فرق القرآن بين هذا وهذا، وعُلم بإجماع الأمة ما استفاضت به السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم من تخصيص موسى
(1)
انظر: أبكار الأفكار (1/ 367).
(2)
مختصر الصواعق المرسلة (2/ 330 - 331).