الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقويم:
اختلف الناس في معرفة الله تعالى هل هي كسبية نظرية أم فطرية ضرورية.
فذهب عامة السلف رحمهم الله إلى أنها فطرية ضرورية
(1)
.
وذهب جمهور المتكلمين من المعتزلة
(2)
- ومن تبعهم من الشيعة الإمامية
(3)
والزيدية
(4)
(5)
- والأشاعرة
(6)
والماتريدية
(7)
إلى أنها كسبية نظرية.
(1)
انظر: درء التعارض (3/ 126)(8/ 444 - 449، 532 - 533)، مجموع الفتاوى (1/ 48 - 49)(2/ 72)، شفاء العليل لابن القيم (2/ 821)، مفتاح دار السعادة (1/ 280)، جامع العلوم والحكم لابن رجب (2/ 256)، فتح الباري لابن حجر العسقلاني (1/ 70 - 71)، أضواء البيان للشنقيطي (3/ 410)، وللاستزادة: فطرية المعرفة للدكتور أحمد سعد حمدان.
(2)
انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار (ص 39، 46، 52)، والمحيط بالتكليف له (ص 26)، المغني في أبواب العدل والتوحيد له أيضًا (12/ 230، 352)، الكشاف للزمخشري (1/ 591).
(3)
انظر: أوائل المقالات للمفيد (ص 64)، والاقتصاد للطوسي (ص 25 - 26)، والتبيان في تفسير القرآن له أيضًا (8/ 243، 172)(9/ 237).
(4)
الزيدية هي فرقة من فرق الشيعة، ينتسبون زورًا إلى زيد بن علي المتوفى سنة 122 هـ ويقولون بإمامته، وبإمامة من اجتمع فيه العلم والزهد والشجاعة ظاهرًا من ولد فاطمة.
انظر: التنبيه والرد للملطي (ص 45)، مقالات الإسلاميين (1/ 136)، الفرق بين الفرق (ص 29)، الملل والنحل للشهرستاني (1/ 154)، التبصير في الدين (ص 24)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 77).
(5)
انظر: المعالم الدينية في العقائد الإلهية ليحيى بن حمزة (ص 53)، ينابيع النصيحة في العقائد الصحيحة للناصر لدين الله (ص 12، 13)، رسائل الشريف المرتضى المجموعة الأولى (ص 127 - 128).
(6)
انظر: الإنصاف للباقلاني (ص 13)، الإرشاد للجويني (ص 25)، الشامل له أيضًا (ص 21)، المواقف للإيجي (ص 32)، وشرحها للجرجاني (1/ 275)، شرح المقاصد (1/ 271)، حاشية البيجوري على جوهرة التوحيد (ص 36)، وحاشية الصاوي عليها (ص 55).
(7)
انظر: التوحيد للماتريدي (ص 129)، إشارات المرام للبياضي (ص 53).
وكلام ابن حجر - غفر الله له - المتقدم في تقرير كونها أول واجب يفهم منه القول بأنها كسبية نظرية لا فطرية ضرورية؛ إذ لو كانت فطرية ضرورية لما كان تحصيلها واجبًا على المكلف لتحققها أصلًا، فضلًا عن أن تكون أول الواجبات.
والصحيح: ما ذهب إليه عامة السلف رحمهم الله من أن معرفة الله تعالى في الأصل فطرية ضرورية، والاكتساب والنظر طارئان عليها؛ إذ قد يعرض للفطرة ما يفسدها فتحتاج حينئذٍ إلى الاكتساب والنظر.
والمراد بالنظر الذي قد يُحتاج إليه في تقريرها هو مطلق النظر لا النظر العقلي الذي أوجبه المتكلمون - كما سيأتي -.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تقرير ذلك: "الصحيح أنها فطرية
…
ولكن قد يعرض للفطرة ما يفسدها، فتحتاج حينئذٍ إلى النظر، فهي في الأصل ضرورية، وقد تكون نظرية، ثم المعرفة الواجبة لا تتعلق بنظر خاص، بل قد تحصل ضرورية"
(1)
.
ويقول أيضًا: "المعرفة وإن كانت ضرورية في حق أهل الفطرة السليمة، فكثير من الناس يحتاج فيها إلى النظر، والإنسان قد يستغني عنه في حال، ويحتاج إليه في حال"
(2)
.
والأدلة على ذلك متظافرة من الكتاب، والسنة، والفطرة، والعقل.
فمن الكتاب: قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} [الأعراف: 172].
فالله تعالى أشهد ذرية آدم على ربوبيته سبحانه فأقروا له بذلك واعترفوا ثم أشهدهم على هذا الاعتراف، وسواء كان هذا العهد قبل الخروج إلى الدنيا في عالم الذر أو كان عهد الفطرة - على خلاف بين أهل العلم - فإن ذلك لا يؤثر في دلالة الآية على المقصود
(3)
.
(1)
مجموعة الرسائل الكبرى (2/ 341)، وانظر (2/ 345 - 346)، مجموع الفتاوى (2/ 6)(6/ 73).
(2)
درء التعارض (8/ 8).
(3)
انظر: المصدر السابق (8/ 486 - 487)، والروح لابن القيم (2/ 555 - 559).
وقوله سبحانه: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)} [الروم: 30].
وقد أجمع المفسرون من السلف على أن المراد بفطرة الله في الآية دين الإسلام، ودين الإسلام متضمن لمعرفة الله تعالى والإقرار به
(1)
.
وقوله عز وجل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
فالرسل دعوا أقوامهم ابتداءً إلى توحيد الألوهية وإفراد الله تعالى بالعبادة، ولو لم يكن الإقرار بالله تعالى وربوبيته أمرًا فطريًا لابتدأوا أقوامهم بذلك؛ لأن الأمر بتوحيده تعالى في عبادته فرع عن الإقرار به وبربوبيته
(2)
، ولصح لأعداء الرسل عند دعوتهم لهم أن يقولوا نحن لم نعرفه أصلًا فكيف تأمروننا بعبادته؟ ولما لم يحدث ذلك منهم دل على أن معرفتهم بالله مستقرة في فطرهم
(3)
.
ولهذا احتج عليهم سبحانه وتعالى بما أقروا به - وهو الربوبية - على ما أنكروه - وهو الألوهية - في آيات كثيرة كقوله عز وجل: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)} [يونس: 31 - 32]، وقوله:{أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10]
(4)
.
ومن السُّنَّة: قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء". ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه راوي الحديث: "فطرة الله التي
(1)
انظر: التمهيد لابن عبد البر (18/ 72)، درء التعارض (8/ 367).
(2)
انظر: درء التعارض (3/ 129 - 130).
(3)
انظر: المصدر السابق (8/ 440).
(4)
انظر: مجموعة الرسائل الكبرى (2/ 337)، أضواء البيان (2/ 429 - 430).
فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم"
(1)
.
فالحديث دل على أن كل مولود يولد على الفطرة، والفطرة هي الإسلام - كما سيأتي
(2)
- والإسلام متضمن لمعرفة الله والإقرار به.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل من نحلته عبدًا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا"
(3)
.
فالحديث دل على أن الله تعالى خلق الخلق على الحنيفية، والحنيفية هي الإسلام، ومن مقتضياته أن الله تعالى خلق الخلق مقرين به معترفين بربوبيته
(4)
.
وأما الفطرة: فإن الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم يلجؤون إلى الله تعالى حال الشدة والكرب، وذلك يدل على أن الخلق كلهم على اختلاف أديانهم مفطورون على معرفة الله سبحانه والإقرار به
(5)
.
وأما العقل: فمن المعلوم أن كل نفس قابلة للعلم وإرادة الحق، ومعلوم أن مجرد التعليم والتحضيض لا يوجب العلم والإرادة، لولا أن في النفس قوة تقبل ذلك، وإلا فلو عَلَّم أحدٌ البهائم والجمادات وحضها، لم يحصل لها ما يحصل لبني آدم مع أن السبب في الموضعين واحد، فعلم أن ذلك لاختلاف القوابل.
(1)
أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ (1/ 403) برقم (1358)، ومسلم، كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة (4/ 2047) برقم (2658) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه به.
(2)
انظر: (ص 124).
(3)
أخرجه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (4/ 2197) برقم (2865)، من حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه به.
(4)
انظر: التمهيد (18/ 75)، درء التعارض (8/ 369)، مجموع الفتاوى (16/ 345).
(5)
انظر: درء التعارض (8/ 532 - 533).
ومعلوم أن إقرار النفس بالخالق ممكن من غير سبب منفصل من خارجها، وتكون الذات كافية في ذلك، فإذا كان المقتضي لذلك قائمًا في النفس وقُدّر عدم المعارض، فإن المقتضى السالم يوجب مقتضاه، فعلم أن الفطرة السليمة إذا لم يحصل لها ما يفسدها كانت مقرة بالخالق عابدة له
(1)
.
وبما سبق يظهر بطلان ما ذهب إليه ابن حجر - غفر الله له - من كون المعرفة كسبية نظرية لا فطرية ضرورية.
وأما قوله - عفا الله عنه - بأن المعرفة والطريق المؤدي إليها أول الواجبات العينية، فهو قول باطل، والرد عليه من طريقين:
أحدهما: النقض، بأن يقال:
أولًا: أن قوله بذلك مبني على قوله بأن المعرفة كسبية لا فطرية ضرورية، وهو باطل - كما سبق - فكذلك ما بني عليه.
ثانيًا: أن ابن حجر يرى - كما سيأتي
(2)
- جواز التقليد في العقائد - ومنها المعرفة - وصحة إيمان المقلد، والقول بذلك يقتضي عدم وجوب النظر على كل أحد؛ إذ يلزم من القول بوجوب النظر على كل مكلف تأثيم من قلد ولم ينظر، وذلك يناقض القول بجواز التقليد في العقائد.
ولهذا يقول أبو جعفر السمناني
(3)
- وهو من رؤوس الأشاعرة -: "إيجاب الأشعري النظر لحصول المعرفة بقية بقيت عنده من الاعتزال، وتفرع عليها أن الواجب على كل أحد معرفة الله بالأدلة الدالة عليه، وأنه لا يُكتفى بالتقليد في ذلك"
(4)
.
(1)
انظر: درء التعارض (8/ 461)، وانظر: مزيدًا من الأدلة العقلية على ذلك في درء التعارض (8/ 456 - 468)، وشفاء العليل (2/ 825 - 836)، وشرح الطحاوية (1/ 34 - 35).
(2)
انظر: (ص 129).
(3)
هو محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد السمناني الحنفي، أبو جعفر، متكلم أشعري، من أصحاب أبي بكر الباقلاني، كان مقدم الأشعرية في وقته، توفي سنة 444 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (17/ 651)، الجواهر المضية (2/ 21).
(4)
فتح الباري (1/ 90)(13/ 361).
وعلى هذا فالقول بجواز التقليد في العقائد يناقض القول بوجوب النظر على أحد.
ثالثًا: أن ابن حجر يرى - كما سيأتي
(1)
- أن التحسين والتقبيح شرعيان لا عقليان، وهذا يناقض قوله إن أول واجب على المكلف المعرفة أو النظر، وتناقض ابن حجر في ذلك ليس مختصًا به بل شأنه في ذلك شأن الأشاعرة الذين يوافقهم وينهج نهجهم.
يقول شيخ الإسلام في بيان ذلك: "ثم القول بأن أول الواجبات هو المعرفة أو النظر لا يمشي على قول من يقول لا واجب إلا بالشرع، كما هو قول الأشعرية وكثير من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، فإنه على هذا التقدير لا وجوب إلا بعد البلوغ على المشهور وعلى قول من يوجب الصلاة على ابن عشر سنين أو سبع، لا وجوب على من لم يبلغ ذلك، وإذا بلغ هذا السن فإنما يخاطبه الشرع بالشهادتين إن كان لم يتكلم بهما، وإن كان تكلم بهما خاطبه بالصلاة، وهذا هو المعنى الذي قصده من قال أول الواجبات الطهارة والصلاة، فإن هذا أول ما يؤمر به المسلمون إذا بلغوا أو إذا ميزوا"
(2)
.
وعليه فإن تناقض ابن حجر هنا فرع عن تناقض الأشاعرة أنفسهم الذين تابعوا المعتزلة في قولهم بوجوب النظر لحصول المعرفة وخالفوهم في طريق الوجوب فقالوا هو الشرع لا العقل مما أوقعهم في التناقض.
ثانيهما: المعارضة: بأن الأدلة متظافرة من الكتاب والسنة والإجماع على أن أول واجب على المكلف الشهادتان، لا المعرفة ولا النظر ولا القصد إليه.
فمن الكتاب: قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
وقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)} [الأنبياء: 25].
(1)
انظر: (ص 601).
(2)
درء التعارض (8/ 12 - 13).
فالرسل جميعًا أول ما دعوا أقوامهم إلى إخلاص العبادة لله وحده دون ما سواه، وهذا يدل على أنه أول واجب على المكلفين؛ لأن من تمام البلاع أن يأمروا أقوامهم بأول ما أوجبه الله عليهم.
ومن السُّنَّة: قوله صلى الله عليه وسلم: في وصيته لمعاذ رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: "إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله
…
" الحديث
(1)
.
وأما الاجماع: فقد أجمع سلف الأمة وأئمتها على أن أول ما يؤمر به العبد إفراد الله بالعبادة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "السلف والأئمة متفقون على أن أول ما يؤمر به العباد الشهادتان، ومتفقون على أن من فعل ذلك قبل البلوغ لم يؤمر بتجديد ذلك عقب البلوغ"
(2)
.
كما أجمعوا على أن الكافر إذا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فقد دخل في الإسلام، وهذا يدل على أن ذلك أول الواجبات.
يقول الإمام ابن المنذر
(3)
رحمه الله: "أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن الكافر إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وأن كل ما جاء به حق، وأبرأ إلى الله من كل دين يخالف الإسلام، وهو بالغ صحيح يعقل أنه مسلم"
(4)
.
ويقول العلامة ابن القيم رحمه الله: "أجمع المسلمون على أن الكافر إذا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فقد دخل في الإسلام"
(5)
.
(1)
أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب أخد الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا (1/ 446 - 447) برقم (1496)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (1/ 50) برقم (29) من حديث ابن عباس رضى الله عنهما به.
(2)
درء التعارض (8/ 11 - 12).
(3)
هو محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الشافعي، أبو بكر، إمام محدث فقيه، له مصنفات منها: الأوسط، والإجماع، والإشراف في اختلاف العلماء، توفي سنة 309 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (14/ 490)، شذرات الذهب (2/ 280).
(4)
الإجماع (ص 154).
(5)
مدارج السالكين (3/ 421).
فالقول بأن أول واجب على المكلف هو المعرفة أو النظر أو القصد إليه قول مُبتدَع حادث بعد القرون الفاضلة.
يقول العلامة ابن حزم
(1)
رحمه الله: "ومن البرهان الموضح لبطلان هذه المقالة الخبيثة أنه لا يشك أحد ممن يدري شيئًا من السير
…
في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مذ بُعث لم يزل يدعو الناس الجماء الغفير إلى الإيمان بالله تعالى، وبما أتى به ويقاتل من أهل الأرض من قاتله
…
ويقبل ممن آمن به ويحرم ماله ودمه وأهله وولده، ويحكم له بحكم الإسلام
…
فما منهم من أحد
…
قال له عليه السلام: إني لا أقبل إسلامك ولا يصح لك دين حتى تستدل على صحة ما أدعوك إليه
…
لسنا نقول: إنه لم يبلغنا أنه عليه السلام قال ذلك لأحد، بل نقطع نحن وجميع أهل الأرض قطعًا كقطعنا على ما شاهدناه أنه عليه السلام لم يقل قط هذا لأحد، ولا رد إسلام أحد حتى يستدل، ثم جرى على هذه الطريقة جميع الصحابة رضى الله عنهم أولهم عن آخرهم، ولا يختلف أحد في هذا الأمر، ثم جميع أهل الأرض إلى يومنا هذا
…
فصح أن هذه المقالة خرق للإجماع، وخلاف لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وجميع أهل الإسلام قاطبة"
(2)
.
ويقول العلامة أبو المظفر السمعاني رحمه الله: "هذا القول - يعني: وجوب النظر وكونه أول واجب - مخترع لم يسبقهم إليه أحد من السلف وأئمة الدين، ولو أنك تدبرت جميع أقوالهم وكتبهم لم تجد هذا في شيء منها منقولًا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة وكذلك من التابعين بعدهم، وكيف يجوز أن يخفى عليهم أول الفرائض، وهم صدر الأمة والسفراء بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "
(3)
.
(1)
هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي اليزيدي، فقيه محدث متكلم، له مؤلفات كثيرة، منها: الفصل في الملل والأهواء والنحل، والدرة فيما يجب اعتقاده، والمحلى، توفي سنة 456 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (18/ 184)، شذرات الذهب (3/ 299).
(2)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 76).
(3)
الانتصار لأهل الحديث (ضمن صون المنطق للسيوطي)(ص 171 - 172).