الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في زمن عيسى، وأما تخريبه الكعبة فبعد هلاك يأجوج ومأجوج ووفاة عيسى عليه السلام وخروج الريح التي تقبض روح كل مؤمن، وقرب قيام الساعة حين ينقطع الحج ولا يبقى في الأرض من يقول: الله الله.
وبتقرير ما سبق يظهر - والله أعلم - أن ما ذكره ابن حجر في الجمع بين القول بوقوعها قبل عيسى والقول بوقوعها بعده غير صحيح.
وأما ما ذكره من كون خرابها لا ينافي قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} [العنكبوت: 67] فهو ظاهر، وقد قرره غير واحد من أهل العلم
(1)
.
3 - نفي المدينة شرارها:
قال ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديث: "لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد"
(2)
.
"لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها:
إما بأن يضيق عليهم المعيشة فيها فيخرجون إلى بلاد السعة.
وإما بأن يزيد شرهم وأذاهم لبقية أهلها فيوقع الله في قلوبهم الخروج منها كرهًا عليهم وإن كانت معيشتهم مستقيمة بها.
وإما بأن يتوجه أهل الطاعة بالنبي صلى الله عليه وسلم في إخراجهم من بينهم لما في بقائهم من المفاسد وخروجهم من المصالح فيلقي الله تعالى الرعب في قلوبهم فيخرجون هاربين خائفين على غاية من الذلة والجهادة والحقارة.
وهذا كله إن قلنا إن هذا النفي في أزمنة متفرقة قبل خروج الدجال وهو أحد احتمالين
…
وثانيهما: أنه مختص بزمن الدجال لأنه إذا قصد المدينة رجفت ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق
…
(1)
انظر: فتح الباري (3/ 539)، الإشاعة (ص 243).
(2)
أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب المدينة تنفي شرارها (2/ 1005) برقم (1381) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه به.
وقيل: يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم لأن بعثته من أشراط الساعة وعلاماتها"
(1)
.
التقويم:
نفي المدينة شرارها من أشراط الساعة الصغرى، والمراد به: إخراج المدينة النبوية الشريفة من سكنها وهو خبيث ونفيها له
(2)
.
واختلف أهل العلم في زمن وقوعه:
فمنهم من قال بأن هذا مختص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام بالمدينة إلا من ثبت إيمانه.
ومنهم من قال بأن هذا مختص بزمن الدجال
(3)
.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "يحتمل أن يكون المراد كلًّا من الزمنين، وكان الأمر في حياته صلى الله عليه وسلم كذلك للسبب المذكور، ويؤيده قصة الأعرابي
…
فإنه صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الحديث معللًا به خروج الأعرابي وسؤاله الإقالة عن البيعة
(4)
.
ثم يكون ذلك أيضًا في آخر الزمان عندما ينزل بها الدجال فترجف بأهلها فلا يبقى منافق ولا كافر إلا خرج إليه
…
وأما ما بين ذلك فلا"
(5)
.
وبهذا التقرير يظهر أن ما ذكره ابن حجر في معنى نفي المدينة شرارها وزمن وقوع ذلك اجتهاد منه لا يوافق عليه، فإن القول بعموم ذلك في الأزمنة المتفرقة لا يصح.
وقوله في احتمال خروجهم منها بسبب توجه أهل الطاعة بالنبي صلى الله عليه وسلم
(1)
فتح الإله بشرح المشكاة (ص 343).
(2)
انظر: الإشاعة (ص 52)، إتحاف الجماعة (2/ 173)، وللاستزادة: أشراط الساعة للوابل (ص 225).
(3)
انظر: شرح صحيح مسلم (9/ 154)، فتح الباري (4/ 88)، الإشاعة (ص 52).
(4)
القصة أخرجها البخاري، كتاب فضائل المدينة، باب المدينة تنفي الخبث (2/ 1006) برقم (1383) من حديث جابر رضي الله عنه.
(5)
فتح الباري (4/ 88).