الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب بقوله: "سؤال الملكين ظاهر الحديث أنه بالعربي؛ لأن فيه "أنهما يقولان له: ما علمك بهذا الرجل؟ " إلى آخر الحديث، ويحتمل مع ذلك أن يكون خطاب كل أحد بلسانه"
(1)
.
وبهذا يظهر صواب ابن حجر رحمه الله فيما قرره في عدد الملائكة الموكلين بالسؤال، وأسمائهم، وصفاتهم، ولغتهم، وموافقته في ذلك لما عليه المحققون من أهل العلم.
ثانيًا: عذاب القبر ونعيمه:
1 - وجوب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه:
يرى ابن حجر رحمه الله وجوب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، حيث قال: "ومما يجب الإيمان به عذاب القبر
…
"
(2)
.
التقويم:
المراد بعذاب القبر ونعيمه: ما يحصل في البرزخ من العذاب والنعيم.
يقول الحافظ السيوطي رحمه الله: "قال العلماء: عذاب القبر هو عذاب البرزخ، أضيف إلى القبر لأنه الغالب، وإلا فكل ميت إذا أراد الله تعذيبه ناله ما أراد به قبر أو لم يقبر
…
وكذا القول في النعيم"
(3)
.
والأصل في ثبوته ووجوب الإيمان به الكتاب والسنة والإجماع.
فمن الكتاب: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)} [الأنعام: 93].
فقول الملائكة: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} دليل واضح على عذاب
(1)
الأجوبة المهمة له (ص 33)، وانظر: شرح الصدور (ص 146)، جمع الشتيت (ص 134)، لوامع الأنوار البهية (2/ 11).
(2)
التعرف (ص 121).
(3)
شرح الصدور (ص 181)، وانظر: الروح (1/ 332).
القبر ولو تأخر عنهم العذاب إلى انقضاء الدنيا لما صح أن يقال لهم: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}
(1)
.
وقوله سبحانه: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)} [التوبة: 101].
فالمراد بقوله: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} عذاب الدنيا بالمصائب، وعذاب القبر، وأما عذاب الآخرة فقد ذكره بقوله:{ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}
(2)
.
وقال عز وجل: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر: 45 - 46].
فالعذاب الحاصل لآل فرعون إنما كان بعد موتهم وهو عذاب القبر، وأما عذاب الآخرة فهو مذكور بعده في قوله:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} ، ولهذا فإن "هذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور"
(3)
.
وأما السُّنَّة: فقد تواترت الأحاديث الدالة على عذاب القبر، وتعدد رواتها فبلغوا تسعة وثلاثين صحابيًّا
(4)
، ونص على ذلك جماعة من أهل العلم
(5)
.
(1)
انظر: الروح (1/ 337).
(2)
انظر: تفسير ابن جرير (6/ 456)، تفسير ابن كثير (2/ 423).
(3)
تفسير ابن كثير (4/ 85)، وانظر: الروح (1/ 337).
(4)
ذكر البيهقي في كتابه إثبات عذاب القبر رواياتهم بطرق متعددة.
(5)
انظر: مجموع الفتاوى (4/ 285)، الروح (1/ 284)، مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/ 43)، أهوال القبور لابن رجب (ص 45)، شرح العقيدة الطحاوية (2/ 578)، لوامع الأنوار البهية (2/ 5)، نظم المتناثر من الحديث المتواتر (ص 125)، سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 295).