الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
أن صرف لفظ اليمين عن ظاهره المتبادر منه الحامل عليه اعتقاد كونه يوجب المماثلة وهو باطل -كما سبق-
(1)
.
3 -
أن النصوص الواردة في صفة اليمين كلها تؤكد أن المراد بها حقيقتها؛ إذلم يرد في شيء منها ما يدل على أن المراد بها غير ظاهرها
(2)
.
4 -
أن النصوص ورد بعضها بإثبات اليمين لله تعالى وورد في بعضها إثبات الشمال له سبحانه
(3)
، وتواترت النصوص بإثبات اليدين له، وهذا كله مما ينافي هذا التأويل.
5 -
أن تأويل ابن حجر اليمين بالرضا أو القبول أو المحبة يلزمه فيه نظير ما فر منه، فإنه إنما تأوّل اليمين لزعمه أن ظاهرها يقتضي التمثيل، فيقال له: كذلك الرضا والقبول والمحبة فإنها مما يتصف به المخلوق فإن كان إثباتها لا يقتضي التمثيل فكذلك اليمين، وإن كان إثباتها يقتضي ذلك لزم المحظور
(4)
.
3 - صفة الأصابع:
يرى ابن حجر أن المراد بالأصبعين في قوله صلى الله عليه وسلم: "قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن إذا شاء أن يقيمه أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه"
(5)
(1)
انظر: (ص 293).
(2)
انظر: رد الدارمي (2/ 698)، التوحيد لابن خزيمة (1/ 159) التوحيد لابن مندة (3/ 16).
(3)
وصف يد الله الأخرى بالشمال ورد في بعض الأحاديث واختلف أهل العلم من أهل السنة والجماعة في إطلاقه على الله. انظر: رد الدارمي على بشر (2/ 698)، إبطال التأويلات (1/ 176)، كتاب التوحيد للشيخ محمد عبد الوهاب (ص 191)، شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (1/ 311)، وللاسثزادة: القول المبين في أن كلتا يدي الرحمن يمين للدكتور علي الشهراني.
(4)
انظر: الصواعق المرسلة (1/ 234).
(5)
أخرجه ابن ماجه المقدمة (1/ 72) برقم (199)، والنسائي في الكبرى، كتاب النعوت (4/ 414) برقم:(7738)، وأحمد (29/ 178) برقم (17630)، وابن أبي عاصم في السنة (ص 98) برقم (219)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 188) برقم (108)، وابن حبان (3/ 222)، برقم (943)، والآجري في الشريعة (3/ 1162) برقم (734)، =
هما "إرادته إما خيرًا وإما شرًّا"
(1)
.
يقول في توضيح ذلك: "بيانه أن القلب صالح للميل إلى الخير وإلى الشر
…
ومحال أن يميل إلى أحدهما بدون داعية، بل لا بد في ميله لذلك من حدوث داعية وإرادة يحدثها الله تعالى فإن كان داعية الكفر فهو الخذلان
…
وإن كان داعية الإيمان فهو التوفيق
…
والمراد بالأصبعين في الحديث
…
الداعيتان المذكورتان، فتأمل ذلك"
(2)
.
التقويم:
الأصابع من صفات الله الذاتية الخبرية الثابتة في السنة النبوية، ومن أدلتها:
1 -
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن
…
"
(3)
.
2 -
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن حبرًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا محمد! أو يا أبا القاسم! إن الله تعالى يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبعٍ، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، أنا الملك. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبًا مما قال الحبر تصديقًا له، ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67] "
(4)
.
= والحاكم في المستدرك (2/ 289)(4/ 421)، والدارقطني في الصفات (ص 55) برقم (43)، وابن مندة في الرد على الجهمية (ص 87) برقم (68)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 74) من طريق عبد الرحمن بن يزيد، عن بسر بن عبد الله الحضرمي، عن أبي إدريس الخولاني، عن النواس بن سمعان رضي الله عنه به.
قال الحاكم: "على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في تخريجه للسنة لابن أبي عاصم.
(1)
أسنى المطالب (ص 18).
(2)
الزواجر (1/ 88).
(3)
أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء (4/ 2045).
(4)
أخرجه البخاري، كتاب التفسير تفسير سورة الزمر، باب "وما قدروا الله حق قدره"=
وقد ساق الإمام ابن خزيمة في كتاب التوحيد الأحاديث الدالة على صفة الأصابع لله تعالى، وبَوَّب عليها بقوله:"باب إثبات الأصابع لله عز وجل"
(1)
، كما ساقها الإمام الآجري في الشريعة، وبَوَّب عليها بقوله:"باب الإيمان بأن قلوب الخلائق بين أصبعين من أصابع الرب عز وجل بلا كيف"
(2)
، وقوله:"باب الإيمان بأن الله عز وجل يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والخلائق كلها على إصبع، والماء والثرى على إصبع"
(3)
.
وسئل سفيان بن عيينة
(4)
رحمه الله عن هذا الحديث -الذي فيه ذكر الأصابع- في عِدَّة من أحاديث الصفات، فقال:"هي كما جاءت، نُقِرُّ بها، ونُحدثُ بلا كيف"
(5)
.
يقول الإمام البغوي
(6)
رحمه الله: "والإصبع المذكورة في الحديث صفة من صفات الله عز وجل، وكذلك كل ما جاء به الكتاب أو السنة من هذا القبيل في صفات الله تعالى كالنفس، والوجه، والعين
…
فهذه ونظائرها صفات الله تعالى ورد بها السمع ويجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها، مُعْرضًا فيها عن التأويل، مجتنبًا عن التشبيه، معتقدًا أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق، قال الله سبحانه وتعالى:
= (3/ 1519) برقم (2786)، ومسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب صفة القيامة (4/ 2147) برقم (2786).
(1)
انظر: (1/ 187).
(2)
انظر: (3/ 1156).
(3)
انظر: (3/ 1164).
(4)
هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون، مولى محمد بن مزاحم، إمام كبير، حافظ عصره، جبل في السنة، حمل العلم عن الكبار، وانتهى إليه علو الإسناد، توفي سنة 198 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (8/ 454)، شذرات الذهب (1/ 354).
(5)
أخرجه الدارقطني في الصفات (ص 71)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 148) من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن أحمد بن نصر، عن سفيان بن عيينة به. وإسناده صحيح.
(6)
هو الحسين بن مسعود بن محمد الفراء البغوي، سلفي شافعي، من مؤلفاته: معالم التنزيل، شرح السنة، الأنوار في شمائل النبي المختار، توفي سنة (516 هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (19/ 439)، شذرات الذهب (4/ 48).
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] "
(1)
.
وعليه فالأصابع صفة ثابتة لله تعالى على ما يليق بجلال الله سبحانه وعظمته، والقول: بذلك هو مذهب عامة أهل السنة والجماعة
(2)
، وأما صرفها عن ظاهرها المراد، وابتغاء تأويلها، وحملها على أنواع المجازات، فهو مذهب المتكلمين من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية على اختلاف بينهم في تأويلها
(3)
.
وما ذكره ابن حجر -غفر الله له- من تأويل صفة الأصابع لله تعالى بإرادة المخلوق للخير والشر أحد هذه الأوجه، وهو باطل من وجوه، منها:
1 -
أن تفسير الأصابع بإرادة المخلوق تأويل، والتأويل بهذا المعنى في نصوص الصفات باطل -كما سبق-
(4)
.
2 -
أن صرف لفظ الأصابع عن ظاهره المتبادر منه الحامل عليه اعتقاد كونه يوجب المماثلة وهو باطل -كما سبق-
(5)
.
3 -
أن الأحاديث الواردة في صفة الأصابع لله تعالى تنافي هذا التأويل من طريقين:
أ- أن الأحاديث الواردة كلها تؤكد أن المراد بها حقيقتها؛ إذ لم يرد في شيء منها ما يدل على أن المراد بها غير ظاهرها.
ب- أن الأحاديث الواردة في ذلك منها ما لا يمكن حمله على إرادة المخلوق للخير والشر كحديث ابن مسعود رضي الله عنه السابق
(6)
.
(1)
انظر: شرح السنة (1/ 168 - 170).
(2)
انظر: رد الدارمي على بشر (1/ 168 - 170)، التوحيد لابن خزيمة (1/ 187)، الشريعة للآجري (3/ 1156)، الحجة في بيان المحجة لقوام السنة (2/ 290)، تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص 208).
(3)
انظر: فتح الباري (8/ 551)(13/ 398)(13/ 477) فقد استوعب الحافظ ابن حجر أقوالهم فيها.
(4)
انظر: (ص 297).
(5)
انظر: (ص 293).
(6)
انظر: رد الدارمي على بشر (1/ 371)، التوحيد لابن خزيمة (1/ 200).