الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني معنى العبادة، وبيان بعض أنواعها
تحدث ابن حجر رحمه الله عن العبادة مبينًا معناها، وبعض أنواعها، ووجوب صرفها لله تعالى دون كل من سواه، وفيما يلي بيان آرائه في هذه المسائل وتقويمها.
أولًا: معنى العبادة:
يرى ابن حجر رحمه الله أن العبادة هي توحيد الله تعالى والإخلاص له، يقول في ذلك:" [العبادة] أن تعبد الله أي: توحده في حال كونك لا تشرك به شيئًا، أو تأتي بجميع أنواع العبادة في حال كونك مخلصًا له بأن تقصد بها وجهه تعالى وحده، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] "
(1)
.
التقويم:
العبادة في اللغة: مصدر عَبَدَ يَعبُدُ عبادَةً.
يقول ابن فارس: "العين والباء والدال أصلان صحيحان، كأنهما متضادان:
والأول من ذينك الأصلين يدل على لين وذل.
والآخر على شدة وغلظ"
(2)
.
والعبادة تطلق في اللغة على معان متعددة منها: الخضوع والذلة،
(1)
فتح المبين (ص 224).
(2)
معجم مقاييس اللغة (ص 728).
والقوة والصلابة، والأنفة والكراهة، والطاعة والتنسك والمملوكية
(1)
.
والمتأمل في هذه المعاني يراها ترجع إلى الأصلين اللذين ذكرهما ابن فارس ولا تخرج عنهما.
وأما العبادة في الشرع: فإن معانيها تتنوع بحسب اعتبارات سياقاتها.
فالعبادة باعتبار أصلها هي مصدر بمعنى التّعبّد، وهي بهذا المعنى التذلل لله والخضوع له بفعل أوامره واجتناب نواهيه، مع المحبة والتعظيم.
والعبادة باعتبار أفرادها هي اسم بمعنى المتعبد به، وهي بهذا المعنى اسم جامع لكلّ ما يُحبّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة
(2)
.
وعبارات أهل العلم في تعريف العبادة وبيان معناها وإن تعددت فهي لا تخرج عما سبق
(3)
.
وتعريف ابن حجر العبادة بأنها توحيد الله والإخلاص له هو مقتضى نصوص الوحيين؛ إذ العبادة المأمور بها هى المتضمنة لتوحيد الله تعالى والإخلاص له.
قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة: 5].
وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضى الله عنه حين بعثه إلى اليمن: "فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله"، وفي رواية:"فادعهم إلى عبادة الله"، وفي رواية:"فادعهم إلى أن يوحدوا الله"
(4)
.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "وجه الجمع بينها: أن المراد
(1)
انظر: تهذيب اللغة (3/ 2299 - 2305)، الصحاح (2/ 502 - 504)، لسان العرب (3/ 272 - 273)، القاموس المحيط (ص 378 - 379).
(2)
انظر: تقريب التدمرية لابن عثيمين (ص 129).
(3)
انظر: تفسير ابن جرير (1/ 196)، مجموع الفتاوى (10/ 149، 153، 251)(15/ 162)، منهاج السنة (2/ 448)(3/ 290)، مدارج السالكين (1/ 74)، تفسير ابن كثير (1/ 28)، فتح الباري (11/ 347)، تيسير العزيز الحميد (ص 46)، فتح المجيد (1/ 84 - 85).
(4)
سبق تخريجه (ص 116).