الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث آراؤه في مسائل البدعة
عرض ابن حجر رحمه الله لجملة من المسائل المتعلقة بالبدعة، وهي: تعريف البدعة، وبيان أقسامها، وتوضيح حكمها، وبيّن موقفه من بعض البدع المنتشرة في عصره.
وفيما يلي بيان ذلك:
أولًا: تعريف البدعة:
عرف ابن حجر رحمه الله البدعة في اللغة، وبين المراد بها في الشرع، حيث قال:
"هي لغة: ما كان مخترعًا على غير مثال سابق، ومنه:{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117] أي: موجدهما على غير مثال سابق.
وشرعًا: ما أحدث على خلاف أمر الشارع ودليله الخاص والعام"
(1)
.
التقويم:
البدعة لغة: اسم هيئة من الابتداع
(2)
.
يقول ابن فارس: "الباء والدال والعين أصلان:
أحدهما: ابتداء الشيء وصنعه لا على مثال سابق.
(1)
فتح المبين (ص 221)، وانظر:(ص 107)، الفتاوى الحديثية (ص 370).
(2)
انظر: تهذيب اللغة (1/ 293)، الصحاح (3/ 1183)، لسان العرب (8/ 6)، القاموس المحيط (ص 906).
والثاني: الانقطاع والكلال، كقولهم: أبدعت الراحلة إذا كلت وعطبت"
(1)
.
والمعنى الثاني داخل في الأول؛ إذ الانقطاع والكلال ابتداء لشيء خارج عما اعتيد عليه
(2)
.
وأما في الشرع:
فقد عرف العلماء البدعة في الشرع بتعريفات كثيرة
(3)
، وهي وإن كان بينها اختلاف في الألفاظ أدى إلى تفاوتها في استيفاء جزئيات التعريف كاملة، إلا أن مضمونها في الجملة واحد.
وأجمعها تعريف الشاطبي رحمه الله حيث عرفها بقوله: "البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية"
(4)
.
فقد تضمن هذا التعريف ضوابط البدعة، وهي:
الأول: الإحداث والاختراع.
الثاني: التعبد بها.
الثالث: عدم استنادها إلى أصل شرعي بطريق خاص أو عام
(5)
.
ومما سبق يتضح صواب قول ابن حجر رحمه الله في تعريفه البدعة في اللغة والشرع، ومطابقة تعريفه لها لما ذكره أهل العلم في تعريفها وضوابطها، إلا أنه أغفل الإشارة في تعريفه إلى ضابط التعبد بها فلم يذكره وهو مهم.
(1)
معجم مقاييس اللغة (ص 119).
(2)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 107 - 108).
(3)
انظر: الحوادث والبدع للطرطوشي (ص 39)، الباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة (ص 85)، مجموع الفتاوى (3/ 195)(4/ 107)(18/ 246)(21/ 317)، الاعتصام للشاطبي (1/ 37)، جامع العلوم والحكم (2/ 127)، الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع للسيوطي (ص 81).
(4)
الاعتصام (1/ 37).
(5)
انظر: جامع العلوم والحكم (2/ 128)، فتح الباري (13/ 254)، وللاستزادة: قواعد معرفة البدع للدكتور محمد الجيزاني (ص 19) وما بعدها.