الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني نزول القرآن ومعناه
حكى ابن حجر رحمه الله اتفاق أهل السنة على أن القرآن الكريم منزل، وذكر اختلافهم في معنى تنزيله، والمنزل منه، فقال:
"اعلم أنهم اختلفوا في كيفية إنزال القرآن - بعد اتفاق أهل السنة على أن كلام الله منزل -.
فقيل: إنزاله إظهار قراءته.
وقيل: إلهامه تعالى كلامه لجبريل وتعليمه قراءته، ثم جبريل أداه لنبينا صلى الله عليه وسلم قيل: بأن انخلع من صورة البشرية إلى صورة الملائكة ثم أخذه من جبريل، وقيل: بل جبريل هو الذي انخلع من الملكية حتى أخذه منه النبي صلى الله عليه وسلم
…
وحكى بعضهم في المُنزّل عليه صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقوال:
أحدها: اللفظ والمعنى، وجبريل حفظ اللفظ من اللوح المحفوظ ونزل به.
ثانيها: أنه إنما نزل بالمعاني خاصة، ونبينا صلى الله عليه وسلم علم تلك المعاني وعبر عنها بلغة العرب
…
وثالثها: أن الذي نزل على جبريل المعنى فعبر عنه بلغة العرب ثم نزل بتلك الألفاظ على النبي صلى الله عليه وسلم"
(1)
.
ويبين ابن حجر رحمه الله رأيه في هاتين المسألتين فيقول: "الذي يتعين ترجيحه
(1)
فتح الإله بشرح المشكاة (ص 130).
بحسب الأدلة أن المنزل عليه صلى الله عليه وسلم اللفظ والمعنى، وأن ذلك ليس من اختراع جبريل، وإنما أخذه بالتلقي الروحاني أو من اللوح المحفوظ"
(1)
.
التقويم:
تواترت النصوص من الكتاب والسنة على أن القرآن الكريم منزل من عند الله سبحانه.
قال تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)} [الأنعام: 114].
وقال سبحانه: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)} [النحل: 102].
وقال عز وجل: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)} [الزمر: 1].
وأحاديث أسباب نزول الآيات كلها تدل على نزول القرآن الكريم من الله تبارك وتعالى
(2)
.
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن القرآن الكريم منزل، ووافقهم على ذلك الأشاعرة - الذين حكى ابن حجر اتفاقهم في كلامه السابق واصفًا لهم بأهل السنة كعادته -.
ثم اختلفوا في معنى نزوله، والمنزل منه:
فقال أهل السنة والجماعة: نزل من الله لفظًا ومعنى، وسمعه جبريل منه سبحانه، وسمعه محمد صلى الله عليه وسلم من جبريل، وليس لجبريل عليه السلام ولا لمحمد صلى الله عليه وسلم فيه إلا التبليغ والأداء، وهذا هو معنى قولهم: القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود
(3)
.
(1)
الفتاوى الحديثية (ص 280)، وانظر: فتح الإله (ص 128 - 129)، الإيضاح والبيان (ل 2)، إتحاف أهل الإسلام (ص 79).
(2)
انظر: أسباب النزول للواحدي، والعجاب في بيان الأسباب لابن حجر رحمه الله العسقلاني، ولباب النقول في أسباب النزول للسيوطي.
(3)
انظر: مجموع الفتاوى (6/ 530 - 544)(12/ 117 - 139)، مختصر الصواعق المرسلة =
واضطرب الأشاعرة ومن وافقهم في ذلك، وتعددت أقوالهم، نتيجة لزعمهم أن كلام الله معنى قائم بنفسه، وأنه ليس بحرف ولا صوت
(1)
.
وقد حكى ابن حجر اختلافهم في هاتين المسألتين وأقوالهم فيها، والذي يعنيني هنا هو ما اختاره من هذه الأقوال، ورجحه على غيره، وهو القول بأن المنزل هو اللفظ والمعنى، وأن معنى نزوله هو أن جبريل عليه السلام أخذه بالتلقي الروحاني، أو من اللوح المحفوظ.
وقد أفاض شيخ الإِسلام في بيان هاتين المسالتين، وذكر الحق فيهما بما لا مزيد عليه، وفيما يلي طرف من كلامه.
قال رحمه الله: "القرآن العظيم كلام الله العزيز العليم، ليس شيء منه كلامًا لغيره لا جبريل ولا محمد ولا غيرهما، قال الله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100) وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)} [النحل: 98 - 103].
فأمره أن يقول: "نزّله روح القدس من ربك بالحق"، والضمير في قوله:"قل نزّله" عائد على ما في قوله: "بما ينزل" والمراد به القرآن، كما يدل عليه سياق الكلام
…
وقوله: "نزله روح القدس من ربك بالحق"، بيان لنزول جبريل به من الله، فإن روح القدس هنا هو جبريل، بدليل قوله:{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 97]
…
= (220 - 221)، شرح العقيدة الطحاوية (1/ 174 - 185)، توضيح المقاصد لابن عيسى (1/ 275)، فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (1/ 214 - 239).
(1)
انظر: الإنصاف للباقلاني (ص 96 - 97)، الإرشاد للجويني (ص 30)، شرح المقاصد (4/ 152 - 156)، غاية المرام للآمدي (ص 111)، تحفة المريد للباجوري (ص 95).
وهذه الآية تبطل قول من يقول إن القرآن العربي ليس منزلًا من الله بل مخلوق: إما في جبريل أو محمد أو جسم آخر غيرهما، كما يقول ذلك الكلابية والأشعرية الذين يقولون إن القرآن العربي ليس هو كلام الله، وإنما كلامه المعنى القائم بذاته، والقرآن العربي خلق ليدل على ذلك المعنى، ثم إما أن يكون خلق في بعض الأجسام الهواء أو غيره، أو ألهمه جبريل فعبر عنه بالقرآن العربي، أو ألهمه محمدًا فعبر عنه بالقرآن العربي، أو يكون أخذه جبريل من اللوح المحفوظ أو غيره، فهذه الأقوال التي تقدمت هي تفريع على هذا القول، فإن هذا القرآن العربي لا بد له من متكلم تكلم به أولًا قبل أن يصل إلينا
…
والمقصود هنا أن هذه الآية تبين بطلان هذا القول، كما تبين بطلان غيره؛ فإن قوله:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} يقتضي نزول القرآن من ربه، والقرآن اسم للقرآن العربي لفظه ومعناه بدليل:
قوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: 98]، وإنما يقرأ القرآن العربي لا يقرأ معانيه المجردة.
وأيضًا فضمير المفعول في قوله: "نزّله" عائد على ما في قوله: "والله أعلم بما ينزل" فالذي أنزله الله هو الذي نزّله روح القدس، فإذا كان روح القدس نزل بالقرآن العربي لزم أن يكون نزّله من الله، فلا يكون شيء منه نزّله من عين من الأعيان المخلوقة، ولا نزّله من نفسه.
وأيضًا فإنه قال عقيب هذه الآية: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)} [النحل: 103]، وهم كانوا يقولون: إنما يعلمه هذا القرآن العربي بشر
…
والله أبطل ذلك بأن لسان ذلك أعجمي وهذا لسان عربي مبين، فعُلم أن روح القدس نزل باللسان العربي المبين، وأن محمدًا لم يؤلف نظم القرآن بل سمعه من روح القدس، وإذا كان روح القدس نزل به من الله عُلم أنه سمعه منه ولم يؤلفه هو، وهذا بيان من الله أن القرآن الذي هو اللسان العربي المبين سمعه روح القدس من الله ونزل به منه.
ونظير هذه الآية قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112]، إلى قوله:{فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112]. وكذلك قوله: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [الأنعام: 114] "
(1)
.
وبناء على ما سبق فما ذهب إليه ابن حجر - غفر الله له - في هاتين المسألتين متعقب بما يلي:
أولًا: أن قوله بأن المنزل من القرآن اللفظ والمعنى يناقض قوله بأن كلام الله سبحانه لفظ مشترك بين المعنى القائم بذاته تعالى الذي هو صفته وبين اللفظ المؤلف الذي هو خلقه.
ووجه ذلك: أن القول بأن القرآن منزل من الله، وأن المنزل منه اللفظ والمعنى يقضي أن القرآن لفظًا ومعنى هو من عند الله، بينما يرى ابن حجر أن القرآن معناه من الله تعالى وهو الكلام القائم بذاته، وأما لفظه فهو لفظ جبريل عليه السلام أو محمد صلى الله عليه وسلم كما سبق -
(2)
.
وعليه فإن ابن حجر وإن وافق أهل السنة في ظاهر اللفظ، إلا أنه خالفهم في حقيقة المعنى المراد به.
ثانيًا: أن قوله بأن معنى نزول القرآن هو أن جبريل أخذه بالتلقي الروحاني أو من اللوح المحفوظ باطل من وجوه:
1 -
أن قوله هذا مبني على ما ذهب إليه في كلام الله سبحانه حيث زعم أن كلام الله تعالى الذي هو صفته معنى قائم بالنفس وأنه ليس بحرف ولا صوت، وليس بمسموع على الحقيقة - وقد سبق نقل ذلك عنه وبيان بطلانه -
(3)
ولا شك أن ما بني على باطل فلا بد أن يكون باطلًا.
2 -
أن لفظ الإنزال ورد في النصوص مطلقًا ومقيدًا، ولم يرد مقيدًا بالإنزال منه سبحانه إلا في حق القرآن، فدل ذلك على أن نزول
(1)
مجموع الفتاوى (12/ 117 - 124).
(2)
انظر: (ص 327).
(3)
انظر: (ص 327).
القرآن الكريم منه سبحانه نزولٌ حقيقيٌّ، وأن جبريل سمعه من الله عز وجل ونزل به من عنده
(1)
.
3 -
أن النصوص دلت على أن القرآن الكريم ينزل شيئًا بعد شيء، فالمنزل أولًا هو قديم بالنسبة إلى المنزل آخرًا، وكل ما تقدم على غيره فهو قديم في لغة العرب، قال تعالى:{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]. فالمحدث في الآية ليس هو المخلوق ولكنه الذي أنزل جديدًا
(2)
.
4 -
أن النصوص قد دلت على أن جبريل يسمع الوحي من الله تعالى حقيقة دون واسطة، والقرآن من جملة الوحي، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا، فيصعقون، قال: فيقولون: يا جبريل ماذا قال ربك؟ فيقول: الحق، فيقولون: الحق، الحق"
(3)
.
5 -
أن القول بذلك يستلزم أن يكون القرآن العربي هو لفظ جبريل أو
(1)
انظر: مجموع الفتاوى (12/ 118، 247 - 519)، مختصر الصواعق المرسلة (2/ 220).
(2)
انظر: مجموع الفتاوى (12/ 522).
(3)
أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب في القرآن (5/ 105) برقم (4738)، وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/ 350) برقم (207)، وابن حبان (1/ 223 - 224) برقم (37)، والآجري في الشريعة (3/ 1094) برقم (669)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 325)، والخطيب في تاريخه (11/ 392)، من طرق عن أبي معاوية عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا به.
وأخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (ص 151) برقم (465، 466)، وعبد الله بن أحمد في السنة (1/ 281) برقم (537)، وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/ 351 - 352) برقم (208، 209)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 325)، والخطيب في تاريخه (11/ 393) من طرق عن الأعمش به موقوفًا من كلام ابن مسعود، وعلقه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ} (4/ 2335) عن مسروق، عن عبد الله موقوفًا عليه.
والحديث صحيح بروايتيه المرفوعة والموقوفة فإن هذا مما له حكم الرفع.
انظر: تغليق التعليق لابن حجر (5/ 353 - 354)، فتح الباري له أيضًا (13/ 456).
محمد صلى الله عليه وسلم
(1)
، وهو ما يقرره ابن حجر رحمه الله وأسلافه من الأشاعرة - وقد سبق نقل قوله في ذلك والرد عليه -
(2)
.
6 -
أن القول بأن معنى نزول القرآن أن جبريل أخذه بالتلقي الروحاني، أو من اللوح المحفوظ يلزم منه لوازم باطلة:
إذ يلزم من قال بأن معنى ذلك تلقي جبريل له روحانيًا أن يكون جبريل ألهمه إلهامًا، وهذا الإلهام يكون لآحاد المؤمنين، كما قال تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: 7]، وقد أوحى الله إلى سائر النبيين، فيكون هذا الوحي لآحاد الأنبياء والمؤمنين أعلى من أخذ محمد القرآن عن جبريل؛ لأن جبريل الذي علمه لمحمد هو بمنزلة الواحد من هؤلاء
(3)
.
كما أنه يلزم من قال بأن معنى نزوله أن جبريل أخذه من اللوح المحفوظ أن يكون بنو إسرائيل الذين أخذوا التوراة من الألواح التي كتبها الله لموسى أعلى منزلة من محمد صلى الله عليه وسلم الذي أخذ القرآن من جبريل الذي أخذه من اللوح المحفوظ
(4)
.
وعليه فالقول الصحيح هو ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من كون القرآن الكريم نزل من عند الله لفظًا ومعنى، وتكلم به سبحانه على الحقيقة وسمعه جبريل منه، وبلغه محمدًا صلى الله عليه وسلم كما سمعه، والقول بذلك لا ينافي كتابته في اللوح المحفوظ ونزوله جملة إلى بيت العزة في السماء الدنيا قبل نزول جبريل به منجمًا على محمد صلى الله عليه وسلم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مقررًا ذلك: "وهذا لا ينافي ما جاء عن ابن عباس وغيره من السلف في تفسير قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} [القدر: 1] أنه أنزله إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم أنزله بعد ذلك منجمًا مفرقًا بحسب الحوادث، ولا ينافي أنه مكتوب في اللوح المحفوظ
(1)
انظر: مجموع الفتاوى (12/ 136، 521).
(2)
انظر: (ص 327).
(3)
انظر: مجموع الفتاوى (12/ 128).
(4)
انظر: المصدر السابق (12/ 127).
قبل نزوله، كما قال تعالى:{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)} [البروج: 21، 22]، وقال تعالى:{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} [الواقعة: 77 - 79]، وقال تعالى:{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)} [عبس: 11 - 16]، وقال تعالى:{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} [الزخرف: 4] "
(1)
.
وبهذا يظهر خطأ ابن حجر في قوله، ومخالفته لمذهب أهل السنة والجماعة في هاتين المسألتين.
* * *
(1)
مجموع الفتاوى (12/ 126 - 127).