الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تتم مصالحهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض؛ لأن الله أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد، والعدل، وإقامة الحج، والجمع، والأعياد، ونصر المظلوم، وإقامة الحدود، لا تتم إلا بالقوة والإمارة"
(1)
.
وبناء على ما سبق فالحق ما رجحه ابن حجر رحمه الله من كون وجوب الإمامة بدلالة السمع؛ فإن العقل وإن كان يدل عليها إجمالًا، ويقضي بحسنها ابتداءً، إلا أنه لا يتعلق به أمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب - كما سبق
(2)
.
وأما ما ذكره عن الخوارج من القول بعدم وجوب نصب الإمام ومخالفتهم لإجماع عموم الأمة القاضي بذلك، فهو متعقب بأنه قول طائفة منهم لا جميعهم وهم النجدات، وقد تابعهم عليه نفر من المعتزلة - كما سبق -
(3)
.
ولا ريب أن قولهم هذا خروج عن إجماع الأمة، ومفارقة لسبيل الجماعة، وما سبق ذكره كاف في الرد عليهم وبيان تهافت قولهم.
ثالثًا: طرق انعقاد الإمامة:
يرى ابن حجر رحمه الله أن الإمامة تنعقد بالاستخلاف، أو البيعة، أو الغلبة.
يقول في ذلك: "تنعقد الإمامة بطرق:
أحدها: بالبيعة: كما بايع الصحابة أبا بكر - رضي الله تعالى عنهم - والأصح أن المعتبر هو بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم حالة البيعة
…
وثانيها: باستخلاف الإمام واحدًا بعده ولو فرعه أو أصله، ويعبر عنه بعهده إليه كما عهد أبو بكمر إلى عمر رضي الله عنهما وانعقد الإجماع على الاعتداد بذلك
…
(1)
السياسة الشرعية (ص 161 - 162).
(2)
انظر: (ص 603).
(3)
انظر: (ص 643).
وثالثها: باستيلاء جامع الشروط [يعني: المعتبرة في الإمام] بالشوكة
…
وكذا فاسق وجاهل وغيرهما وإن اختلت فيه الشروط كلها في الأصح وإن عصى بما فعل حذرًا من تشتت الأمر وثوران الفتن"
(1)
.
التقويم:
الإمامة ضربان: اختيارية وقهرية.
فالاختيارية تنعقد بطريقين:
أحدهما: البيعة: والمراد بها مبايعة أهل الحل والعقد - وهم العلماء والأمراء ووجوه الناس - من يرون فيه الكفاءة لولاية الإمامة، وبهذا الطريق تمت خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
(2)
.
والصحيح ما ذكره ابن حجر رحمه الله من أن المعتبر بيعة جمهور أهل الحل والعقد دون اشتراطٍ لعدد معين منهم، أو إجماعهم على البيعة
(3)
.
وثانيهما: الاستخلاف: والمراد به استخلاف الإمام القائم وعهده بالإمامة إلى من بعده، وبهذا الطريق تمت خلافة عمر رضي الله عنه
(4)
.
والصحيح ما ذكره ابن حجر رحمه الله من جواز استخلاف الإمام لأحد فروعه أو أصوله
(5)
.
والإمامة الاختيارية بطريقيها مجمع على صحتها، وانعقاد الإمامة بها، وثبوت أحكام الإمامة لمن تمت له.
يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "أجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف، وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان، حيث لا
(1)
تحفة المحتاج (4/ 103 - 104)، وانظر: الصواعق المحرقة (1/ 27).
(2)
انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص 6)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 23)، تحرير الأحكام (ص 52)، إكليل الكرامة (ص 27).
(3)
انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص 7)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 23)، غياث الأمم (ص 52)، تحرير الأحكام (ص 53).
(4)
انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص 10)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 23)، تحرير الأحكام (ص 53)، إكليل الكرامة (ص 33).
(5)
انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص 10)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 25).