الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويحرسانه واحد من ورائه وآخر من قدامه فهو بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بالليل بدلًا، حافظان وكاتبان"
(1)
.
وأما القول في الكافر وهل عليه حفظة أم لا؟ فهو مما اختلفت فيه أقوال أهل العلم، يقول العلامة القرطبي رحمه الله: "اختلف الناس في الكفار هل عليهم حفظة أم لا؟
فقال بعضهم: لا؛ لأن أمرهم ظاهر، وعملهم واحد.
وقيل: بل عليهم حفظة؛ لقوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} [الانفطار: 9 - 12]، وقال:{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} [الحاقة: 25] وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10)} [الانشقاق: 10]. فأخبر أن الكفار يكون لهم كُتَّاب، ويكون عليهم حفظة.
فإن قيل: الذي عن يمينه أي شيء يكتب ولا حسنة له؟ قيل له: الذي يكتب عن شمال يكون بإذن صاحبه، ويكون شاهدًا على ذلك وإن لم يكتب والله أعلم"
(2)
.
5 - موتهم:
يقول ابن حجر: "والملائكة يموتون بالنصوص والإجماع، ويتولى قبض أرواحهم ملك الموت، ويموت ملك الموت بلا ملك الموت"
(3)
.
التقويم:
من عظمة الله تعالى وكمال ربوبيته سبحانه تفرده جل وعلا بالبقاء قال سبحانه: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]. وقال عز وجل: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن: 26، 27].
قال ابن كثير رحمه الله: "يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون
(1)
تفسير ابن كثير (2/ 552).
(2)
تفسير القرطبي (248/ 19)، وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي (2/ 19)، فتح الباري (8/ 594)، الحبائك (ص 89).
(3)
الفتاوى الحديثية (ص 219).
ويموتون أجمعون، وكذلك أهل السماوات إلا ما شاء الله، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم؛ فإن الرب تعالى وتقدس لا يموت، بل هو الحي الذي لا يموت أبدًا"
(1)
.
وقد اختلف الناس في الملائكة هل يموتون أم هم ممن استثنى الله؟
يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في شرحه لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "أعوذ بعزتك، الذي لا إله إلا أنت، الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون"
(2)
: "قوله: "والجن والإنس يموتون" استدل به على أن الملائكة لا تموت، ولا حجة فيه
…
ولا اعتبار له، وعلى تقديره فيعارضه ما هو أقوى منه، وهو عموم قوله تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]، مع أنه لا مانع من دخولهم في مسمى الجن؟ لجامع ما بينهم من الاستتار عن عيون الإنس"
(3)
.
والقول بموت الملائكة هو الذي عليه أكثر الناس، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الذي عليه أكثر الناس أن جميع الخلق يموتون حتى الملائكة وحتى عزرائيل ملك الموت
…
والمسلمون واليهود والنصارى متفقون على إمكان ذلك وقدرة الله عليه؛ وإنما يخالف في ذلك طوائف من المتفلسفة
…
ومن دخل معهم من المنتسبين إلى الإسلام أو اليهود والنصارى
…
ممن زعم أن الملائكة هي العقول والنفوس، وأنه لا يمكن موتها بحال، بل هي عندهم آلهة وأرباب هذا العالم"
(4)
.
وبما سبق يتضح موافقة ابن حجر رحمه الله لما دلت عليه النصوص وقرره أهل العلم فيما يتعلق بوجود الملائكة، وخلقهم، وعددهم، وأعمالهم، وموتهم، سوى ما ذكره من كون الملائكة خلقوا من العناصر الأربعة لعدم ورود الدليل عليه - كما سبق -.
(1)
تفسير ابن كثير (4/ 287).
(2)
أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (4/ 2305) برقم (7383).
(3)
فتح الباري (13/ 370).
(4)
مجموع الفتاوى (4/ 259)، وانظر: الحبائك (ص 272).