الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول ترجمة موجزة لابن حجر الهيتمي
المطلب الأول عصر ابن حجر سياسيًا، ودينيًا، واجتماعيًا، وعلميًا
أولًا: الحالة السياسية:
عاش ابن حجر رحمه الله في القرن العاشر الهجري، وعاصر دولتين إسلاميتين هما: دولة المماليك، ودولة العثمانيين، حيث عاش قرابة الخمسة عشر عامًا الأولى من عمره في عهد الدولة الأولى، وقضى البقية منه وهو قرابة الاثنين والخمسين عامًا في عهد الدولة الثانية.
أما الدولة الأولى: وهي دولة المماليك:
فقد كانت تحكم مصر والشام، وتسيطر على غرب الجزيرة العربية سيطرة اسمية
(1)
.
والفترة التي عاصرها ابن حجر رحمه الله من هذه الدولة تعتبر فترة ضعفها وهرمها، حيث ساءت الأحوال فيها بسبب كثرة الفتن والاضطرابات الداخلية من جهة، وتسلط الصليبيين الإسبان والبرتغال من جهة أخرى.
فقد ظهر في هذه الفترة الضعف والتفكك بين أفراد المجتمع، وانتشرت العصبية المقيتة بينهم، وساد النظام الإقطاعي، وكثرت المكوس
(1)
انظر: أخبار الدول للقرماني (ص 38).
على التجار والمزارعين، وتمكن الصليبيون من الاستيلاء على عدن وعمان
(1)
.
ولَمّا رأى بعض أمراء المماليك ضعف الدولة المملوكية، وقوة أعدائها الصليبيين، والخطر المحدق بالمسلمين اتصل بالعثمانيين وطلب منهم سرعة التدخل، ووعدهم بالتعاون
(2)
.
حينها تحركت جيوش الدولة العثمانية، ففتحت مصر أوائل سنة (923 هـ)، ثم امتد فتحها ليشمل بقية تركة الدولة المملوكية، ومنها الحجاز
(3)
.
وأما الدولة الثانية: وهي دولة العثمانيين:
فقد كانت تحكم الشرق الأقصى الإسلامي، ثم امتد حكمها -كما سبق- ليشمل تركة الدولة المملوكية
(4)
.
والفترة التي عاصرها ابن حجر رحمه الله من هذه الدولة تمثل عصرها الذهبي في تاريخها الطويل، ويمثل هذا العصر ولاية خليفتين من خلفائها، هما:
1 -
سليم الأول
(5)
، والفترة التي عاصرها ابن حجر من ولايته (923 هـ- 926 هـ).
(1)
انظر: بدائع الزهور لابن إياس (4/ 402).
(2)
انظر: المصدر السابق (5/ 137)، تاريخ الدولة العثمانية لعلي حسون (ص 55).
(3)
انظر: بدائع الزهور (5/ 157) وما بعدها، أخبار الدول للقرماني (ص 38)، تاريخ الجبرتي (1/ 37)، تاريخ الدولة العثمانية لمحمد فريد بك (ص 96).
(4)
انظر: مقدمة الشيخ حمد الجاسر في تحقيقه لكتاب البرق اليماني في تاريخ الفتح العثماني (ص 7).
(5)
هو سليم بن السلطان بايزيد خان تولى الخلافة بعد أبيه، وامتدت خلافته أربعًا وخمسين سنة، حتى توفي سنة 926 هـ.
انظر: الكواكب السائرة للغزي (1/ 208)، شذرات الذهب (8/ 143).
2 -
سليمان القانوني
(1)
، والفترة التي عاصرها ابن حجر من ولايته (926 هـ- 974 هـ).
وفي هذا العصر الذهبي للدولة العثمانية كان الحكم الإسلامي في العالم يشهد أعظم اتساع له على مدى التاريخ
(2)
.
لكن الدولة العثمانية مع ذلك كانت تواجه خطرين في وقت واحد:
الخطر الأول: خطر الروافض
(3)
ممثلًا في الدولة الصفوية التي قامت سنة (906 هـ) قبل مولد ابن حجر بقرابة ثلاث سنين، وكان قيامها نقطة تحول كبير في تاريخ إيران، والشرق كله، فلأول مرة يعلن الرفض مذهبًا رسميًا لكل إيران
(4)
.
والخطر الثاني: خطر الصليبيين ممثلًا في الأوربيين، وبخاصة البرتغال الذين وصل نفوذهم إلى محاولة الوصول إلى الأماكن المقدسة مكة والمدينة
(5)
.
(1)
هو سليمان بن السلطان سليم بايزيد خان، تولى الخلافة بعد أبيه، وامتدت خلافته تسعًا وأربعين سنة، حتى توفي سنة 975 هـ.
انظر: الكواكب السائرة (3/ 156)، شذرات الذهب (8/ 375).
(2)
انظر: المنح الرحمانية في تاريخ الدولة العثمانية للبكري (ص 71) وما بعدها، فضائل سلاطين بني عثمان للحموي (ص 33)، تاريخ الدولة العثمانية العلية لإبراهيم بيك (ص 80 - 88).
(3)
الرافضة: طائفة من أهل البدع والضلال، سموا بذلك لكونهم رفضوا زيد بن علي لَمّا تولى الشيخين، وهم يعرفون اليوم بالشيعة والإمامية، والاثني عشرية والجعفرية، وأصولهم أربعة: التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، وقد ستروا تحت كل واحد منها بعض بدعهم، ويغلب عليهم الغلو في أئمتهم.
انظر: فرق الشيعة للنوبختي، مقالات الإسلاميين للأشعري (1/ 65)، الملل والنحل للشهرستاني (1/ 146)، الفرق بين الفرق للبغدادي (ص 29)، الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (5/ 35)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي (ص 77)، البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان للسكسكي (ص 65).
(4)
انظر: تاريخ الدولة العثمانية العلية لإبراهيم بيك (ص 80).
(5)
انظر: تاريخ الدولة العثمانية العليّة لإبراهيم بيك (ص 89)، تاريخ الدولة العثمانية وعلاقاتها الخارجية للدكتور علي حسون (ص 43)، النفوذ البرتغالي في الخليج العربي القرن العاشر الهجري لنوال الصيرفي (ص 198)، صراع المسلمين مع البرتغاليين في البحر الأحمر لغسان الرمال (ص 203).