الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
أن يكون المراد به تصديقًا خاصًا دل عليه الشرع، وهو تصديق يتضمن الاعتقاد والقول والعمل جميعًا
(1)
.
ثالثًا: أن الإيمان لو كان هو مجرد التصديق، فإن التصديق يلزم منه ضرورة تحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال والأعمال
(2)
.
رابعًا: أن قول ابن حجر بأن الإيمان هو مجرد التصديق القلبي يناقض قوله بزيادة الإيمان ونقصانه؛ إذ التصديق غير قابل لهما -كما سيأتي-.
خامسًا: أن القول بذلك يلزم منه لوازم باطلة، منها:
1 -
أن من لم ينطق بالشهادتين وهو مصدق بقلبه كأبي طالب وبعض أهل الكتاب من اليهود والنصارى يكون مؤمنًا، وهؤلاء متفق على كفرهم
(3)
.
2 -
أن من صدق بقلبه ولم يعمل بجوارحه فلم يصل ولم يصم ولم يزك مؤمن، لبقاء أصل التصديق بقلبه، وهذا باطل
(4)
.
3 -
أن من صدق بقلبه ثم أتى ناقضًا من نواقض الإسلام القولية أو العملية فإنه لا يكفر، بل يكون مؤمنًا لبقاء أصل التصديق في قلبه
(5)
، وهو من أفسد اللوازم من جهة، ومناقض لِمَا قرره ابن حجر في كتابه الإعلام بقواطع الإسلام من جهة أخرى.
والآخر: المعارضة:
بما تقدم من الأدلة الدالة على أن الإيمان اعتقاد وقول وعمل.
ثانيًا: زيادة الإيمان ونقصانه:
ذكر ابن حجر -غفر الله له- اختلاف الأشاعرة في زيادة الإيمان ونقصانه، وأقوالهم في ذلك، فقال:
= برقم (2657) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه به.
(1)
انظر: شرح الطحاوية (2/ 473).
(2)
انظر: مجموع الفتاوى (7/ 541).
(3)
انظر: الإيمان لابن تيمية (ص 125)، مجموع الفتاوى (7/ 583).
(4)
انظر: مجموع الفتاوى (7/ 583).
(5)
انظر: المصدر السابق (7/ 583).
"الزيادة والنقص: أنكرهما أبو حنيفة وأتباعه
(1)
واختاره من الأشاعرة إمام الحرمين
(2)
وآخرون
…
وأثبتهما جمهور الأشاعرة
…
"
(3)
.
وبيّن في موضع آخر رأيه في المسألة فقال بأن الإيمان "يزيد وينقص قوة ومتعلقًا"
(4)
.
التقويم:
تواترت نصوص الوحيين في الدلالة على زيادة الإيمان ونقصانه.
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)} [الأنفال: 2].
وقال سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4].
وقال عز وجل: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31].
وفي الحديث: "يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير"
(5)
.
وكل دليل يدل على زيادة الإيمان فهو دليل على نقصه والعكس بالعكس، إذ ما قبل الزيادة قبل النقصان
(6)
.
(1)
انظر: العقيدة الطحاوية مع شرحها (2/ 459)، الفرق بين الفرق (ص 203)، الملل والنحل للشهرستاني (1/ 141).
(2)
انظر: الإرشاد (ص 335).
(3)
فتح المبين (ص 76).
(4)
التعرف (ص 117).
(5)
أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب زيادة الإيمان نقصانه (1/ 38) برقم (44)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (1/ 182) برقم (193) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه به.
(6)
انظر: السنة للخلال (2/ 688)، شعب الإيمان (1/ 160)، الفصل (3/ 237)، فتح الباري (1/ 47).
والقول بمقتضى ذلك هو ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة
(1)
، وانعقد عليه إجماعهم
(2)
.
يقول الإمام البخاري رحمه الله: "لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحدًا منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص"
(3)
.
وقد اضطرب الأشاعرة في هذه المسألة وتعددت فيها أقوالهم، وذلك مبني على تعريفهم الإيمان بأنه مجرد التصديق وإجماعهم على عدم دخول الأعمال في مسماه.
فقال بعضهم: بأن التصديق لا يقبل الزيادة ولا النقصان، ومن ثم منعوا ذلك في الإيمان.
وقال آخرون: التصديق يزيد بكثرة الدلائل ولا ينقص لأن نقصه شك، ومن ثم قالوا بزيادة الإيمان دون نقصه.
وقال جمهورهم: الإيمان يزيد وينقص، ولأصحاب هذا القول مسلكان في تقريره:
أحدهما: القول بأن التصديق الذي هو أصل الإيمان لا يزيد ولا ينقص، والزيادة والنقصان إنما تكون في الأعمال التي هي ثمراته، فالزيادة والنقصان فيه ليست بحسب ذاته ولكن بحسب متعلقه.
(1)
انظر: السنة لعبد الله بن أحمد (1/ 310)، الإيمان لأبي عبيد (ص 72)، الإيمان للعدني (ص 94)، الإبانة الكبرى، تحقيق: نعسان (2/ 861)، الشريعة (2/ 603)، شرح أصول الاعتقاد (3/ 18)، أصول السنة لابن أبي زمنين (ص 207)، التبصر في الدين لابن جرير (ص 197)، شرح السنة للبربهاري (ص 67)، عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص 264)، التمهيد (9/ 243، 252)، مسائل الإيمان لأبي يعلى (ص 395)، الاقتصاد في الاعتقاد للمقدسي (ص 181)، مجموع الفتاوى (7/ 505)، شرح الطحاوية (2/ 466)، لوامع الأنوار البهية (1/ 411)، وللاستزادة: زيادة الإيمان ونقصانه لعبد الرزاق العباد (ص 33 - 131).
(2)
انظر: شرح السنة للبغوي (1/ 38 - 39)، التمهيد (9/ 238) مجموع الفتاوى (7/ 672)، مدارج السالكين (1/ 421).
(3)
شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/ 173 - 174).