الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يرد على ذلك كون الذبح قد يكون بقصد الإكرام فإن هذا جائز لا محرم، وابن حجر -غفر الله له- لا يريد ذلك قطعًا، بدليل قوله المتقدم: "بخلاف ما لو قصد الفرح بقدومه، أو شكر الله عليه، أو قصد إرضاء ساخط
…
".
2 -
أن تعليق الحكم بكون الذبح لغير الله أو على غير اسمه لا يكون كفرًا إلا إذا وقع بقصد التعظيم، فرع عن القول بأن العمل لا يكفر به صاحبه إلا إذا قارنه اعتقاد أو دل عليه، وهو قول باطل -كما سيأتي-
(1)
.
2 - النذر لغير الله:
عرف ابن حجر رحمه الله النذر بقوله:
"النذر لغة: الوعد بشرط، أو التزام ما ليس بلازم، أو الوعد بخير أو شر.
وشرعًا: التزام مسلم مكلف
…
ما لا في ذمته"
(2)
.
وذكر -غفر الله له- أن النذر لغير الله تعالى كالنذر للأولياء والأموات يكون صحيحًا تارة وفاسدًا أخرى؛ وذلك بحسب إرادة الناذر ونيته، حيث قال:
"النذر للولي إنما يقصد به غالبًا التصدق عنه لخدَّام قبره وأقاربه وفقرائه، فإن قصد الناذر شيئًا من ذلك أو أطلق صح، وإن قصد التقرب لذات الميت كما يفعله أكثر الجهلة لم يصح
…
لأن القُرَب إنما يُتَقرَّب بها إلى الله تعالى لا إلى خلقه"
(3)
.
وبيّن رحمه الله أن الناذر إن قصد بنذره تعظيم البقعة أو القبر أو التقرب إلى من دفن فيها أو من نسبت إليه فلا يصح نذره، حيث قال:
"الذي يتجه أن الناذر إن قصد تعظيم البقعة أو القبر أو التقرب إلى من دفن فيه أو من تنسب إليه، وهو الغالب من العامة؛ لأنهم يعتقدون أن لهذه
(1)
انظر: (ص 686).
(2)
فتح الجواد (2/ 385)، وانظر: تحفة المحتاج (4/ 323).
(3)
الفتاوى الفقهية الكبرى (4/ 278 - 280)، وانظر: تحفة المحتاج (4/ 327 - 328).
الأماكن خصوصيات لأنفسهم ويرون أن النذر لها مما يندفع به البلاء، فلا يصح النذر في صورة من هذه الصور"
(1)
.
التقويم:
النذر لغة: مصدر نَذَرَ يَنْذُرُ نَذْرًا.
وهو الوعد بخير أو شر
(2)
.
واصطلاحًا: هو التزام قربة لم تتعين
(3)
.
وما ذكره ابن حجر في تعريفه المتقدم في معناه.
والنذر من أنواع العبادة التي يجب صرفها لله، ويحرم صرفها لغيره
(4)
.
قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270].
وقال سبحانه: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)} [الإنسان: 7].
وقال صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"
(5)
.
وعليه فما قرره ابن حجر رحمه الله من كون الناذر إن قصد بنذره التقرب إلى الميت فإن نذره غير صحيح، لكون القُرَب لا تكون إلا لله حقًّا، إلا أنه يؤخذ عليه عدم تصريحه بكون ذلك شركًا أكبر مخرجًا من الملة.
وأما ما ذكره من كون الناذر إن قصد بنذره التقرب إلى الله بالتصدق على خدَّام القبر وأقاربه وفقرائه صح نذره وانعقد فلا يسلم له؛ وذلك لِمَا يلي:
(1)
الفتاوى الفقهية الكبرى (4/ 256).
(2)
انظر: تهذيب اللغة (4/ 3546)، معجم مقاييس اللغة (ص 1021)، الصحاح (2/ 825)، القاموس المحيط (ص 618).
(3)
انظر: مغني المحتاج (4/ 354)، الدر النقي لابن عبد الهادي (3/ 797).
(4)
انظر: تطهير الاعتقاد (ص 33)، تيسير العزيز الحميد (ص 203)، فتح المجيد (1/ 290)، الانتصار لحزب الله الموحدين لأبي بطين (ص 75).
(5)
أخرجه البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة (4/ 2091) برقم (6696) من حديث عائشة رضي الله عنها به.