الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العقدية، ولم أقف على تفريق له بين المتواتر منها والآحاد من حيث حجيتها في مسائل الاعتقاد.
3 - الإجماع:
عَرَّف - ابن حجر رحمه الله الإجماع بقوله: "هو اتفاق مجتهدي الأمة
…
بعد وفاته صلى الله عليه وسلم في أي عصر على أي أمر"
(1)
.
وبين ابن حجر رحمه الله أن الإجماع أقسام عدة، وأنه ليس على درجة واحدة في الحُجِّية، حيث قال:
"هو حجة وإن نقل آحادًا.
ثم إن اتفق المعتبرون فقطعية، وإلا فظنية كالسكوتي.
ومن جحد مجمعًا عليه علم من الدين بالضرورة كفر"
(2)
.
وما ذكره ابن حجر رحمه الله هو الصحيح من أقوال أهل العلم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد ذكر أقوال الناس فيما يفيده الإجماع: "والصواب التفصيل بين ما يقطع به من الإجماع، ويعلم يقينًا أنه ليس فيه منازع من المؤمنين أصلًا، فهذا يجب القطع بأنه حق"
(3)
.
ويقول أيضًا: "وتنازعوا في الإجماع: هل هو حجة قطعية أو ظنية؟ والتحقيق: أن قطعيه قطعي وظنيه ظني
…
"
(4)
.
وقد حكى ابن حجر رحمه الله الإجماع في بعض المسائل العقدية، واستدل به على آرائه فيها، وكان استدلاله به تارة مع تحققه وأخرى مع عدمه - كما سيأتي -
(5)
.
4 - العقل:
عَرَّف ابن حجر رحمه الله العقل بقوله:
"هو لغة: المنع.
(1)
التعرف (ص 74 - 75)
(2)
المصدر السابق (ص 75 - 76).
(3)
مجموع الفتاوى (7/ 39).
(4)
المصدر السابق (19/ 270).
(5)
انظر: (ص 75)
وهو صفة يميز بها بين الحسن والقبيح، وهو معنى قول الشافعي رضي الله عنه إنه كآلة التمييز"
(1)
.
وهو بهذا يوافق جمهور السلف في تعريفهم له، خلافًا لمن قال بغير ذلك من المتكلمين
(2)
.
وقد جعل - ابن حجر - عفا الله عنه - العقل مصدرًا مستقلًا، وعارض به النقل، وقدمه عليه، حيث قال:"وكالنص، حكم العقل القطعي، فالاعتقاد المستند إليه صحيح، وإن لم يرد فيه نص، بل لو ورد النص بخلافه، وجب تأويل النص إليه، كآيات الصفات وأحاديثها؛ إذ ظاهرها محال على الله عقلًا، فوجب صرفها عنه بتأويلها بما يوافق العقل"
(3)
.
وما قرره - غفر الله له - متعقب بأن المسائل العقدية لا يستقل العقل بإدراكها، فضلًا عن أن يستقل بالدلالة عليها.
يقول شيخ الإسلام - ابن تيمية رحمه الله: "العقل شرط في معرفة العلوم، وكمال وصلاح الأعمال، وبه يكمل العلم والعمل، لكنه ليس مستقلًا بذلك، لكنه غريزة في النفس، وقوة فيها، بمنزلة قوة البصر التي في العين، فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار، وإن انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن دركها، وإن عزل بالكلية كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أمورًا حيوانية
…
فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة، والأقوال المخالفة للعقل باطلة
…
لكن المسرفين فيه قضوا بوجوب أشياء وجوازها وامتناعها لحجج عقلية بزعمهم اعتقدوها حقًّا وهي باطل، وعارضوا به النبوات وما جاءت به، والمعرضون عنه صدقوا بأشياء باطلة، ودخلوا في أحوال وأعمال فاسدة، وخرجوا عن التمييز الذي فضل الله به بني آدم على غيرهم"
(4)
.
(1)
العمدة في شرح البردة (ص 275).
(2)
انظر: بغية المرتاد لابن تيمية (ص 257) وما بعدها، مجموع الفتاوى (18/ 338)، درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية أيضًا (1/ 9)، المسودة (ص 558).
(3)
المنح المكية (2/ 868).
(4)
مجموع الفتاوى (3/ 338 - 339)، وانظر: درء تعارض العقل والنقل (5/ 244)، =