الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
أن المقتضي لهذا التأويل اعتقاد كون ظاهرها يستلزم التمثيل وهو باطل -كما سبق-
(1)
.
3 -
أن الرحمة صفة كمال وضدها صفة نقص، فيلزم من نفي صفة الرحمة عنه سبحانه اتصافه بضدها؛ إذ العلاقة بينهما علاقة سلب وإيجاب
(2)
.
4 -
أن تأويل ابن حجر الرحمة بالإرادة أو الإنعام يلزمه فيه نظير ما فر منه، فإنه إنما تأول الرحمة لزعمه أن ظاهرها يقتضي التمثيل، فيقال له: كذلك الإرادة والإنعام، فإنهما مما يتصف به المخلوق فإن كان إثباتهما لا يقتضي التمثيل فكذلك الرحمة، وإن كان إثباتهما يقتضي ذلك لزم المحظور
(3)
.
5 -
أن قول ابن حجر بأن حقيقة الرحمة العطف والميل الروحاني لو قُدِّر أنه حق في حق المخلوق لم تكن كذلك في حق الخالق سبحانه
(4)
.
6 - صفة الغضب:
يرى ابن حجر استحالة اتصاف الله تعالى بالغضب، حيث يقول: "الغضب فوران الدم وغليانه
…
لإرادة الانتقام
…
ولاستحالة هذا المعنى في حقه تعالى كان المراد بالغضب في حقه تعالى: إرادة الانتقام فيكون صفة ذات، أو الانتقام نفسه فيكون صفة فعل"
(5)
.
ويقول في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب كتابًا، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي"
(6)
: "أي: أن مظاهر الرحمة غلبت مظاهر الغضب"
(7)
.
التقويم:
الغضب صفة ثابتة لله تعالى بدلالة الكتاب والسنة.
فمن الكتاب: قوله تعالى: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} [النساء: 93].
(1)
انظر: (ص 293).
(2)
انظر: مجموع الفتاوى (6/ 118).
(3)
انظر: التدمرية (ص 31 - 32)، الصواعق المرسلة (1/ 234)، توضيح المقاصد لابن عيسى (2/ 47، 59)، شرح الكافية الشافية لهراس (1/ 302 - 315).
(4)
انظر: مجموع الفتاوى (6/ 117).
(5)
فتح المبين (ص 156).
(6)
سبق تخريجه (ص 352).
(7)
المنح المكية (3/ 1397).
وقوله سبحانه: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: 81].
وقوله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الممتحنة: 13].
ومن السُّنَّة: حديث الشفاعة المشهور، وفيه: "إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله
…
"
(1)
.
وإثبات الغضب لله تعالى على ما يليق به سبحانه هي جادة أهل السنة والجماعة.
يقول العلامة - ابن أبي العز رحمه الله: "مذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب والرضى، والعداوة والولاية، والحب والبغض ونحو ذلك من الصفات التي ورد بها الكتاب والسنة، ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى، كما يقولون مثل ذلك في السمع والبصر والكلام وسائر الصفات
…
ولا يقال: إن الرضى إرادة الإحسان، والغضب إرادة الانتقام، فإن هذا نفي للصفة"
(2)
.
وعليه فما قرره ابن حجر - غفر الله له - من تأويل الغضب الوارد في النصوص بإرادة الانتقام أو بالانتقام نفسه مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، وتعليله ذلك بكون حقيقة الغضب مستحيلة على الله مما وافق فيه الأشاعرة
(3)
.
والجواب عن قوله من وجوه:
1 -
أن القول بذلك تأويل، والتأويل في نصوص الصفات بهذا المعنى باطل -كما سبق-
(4)
.
2 -
أن المقتضي لهذا التأويل اعتقاد كون ظاهرها يستلزم التمثيل وهو باطل - كما سبق -
(5)
.
(1)
أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، باب {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} (2/ 1027). برقم (3440)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (1/ 185)، برقم (327) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه به.
(2)
انظر: شرح العقيدة الطحاوية (2/ 685).
(3)
انظر: مشكل الحديث لابن فورك (ص 259)، تأويل الأحاديث الموهمة للتشبيه للسيوطي (ص 120).
(4)
انظر: (ص 397).
(5)
انظر: (ص 293).
3 -
أن تأويل الغضب بإرادة الانتقام أو الانتقام نفسه تفسير له بغير مدلوله اللغوي وهو الغضب الحقيقي، وتفسيره بذلك ينفي حقيقة الصفة.
4 -
أن تأويل ابن حجر الغضب بإرادة الانتقام أو الانتقام نفسه يلزمه فيه نظير ما فر منه، فإنه إنما تأول الغضب لزعمه أن ظاهره يقتضي التمثيل، فيقال له: كذلك الإرادة والانتقام، فإنهما مما يتصف به المخلوق فإن كان إثباتهما لا يقتضي التمثيل فكذلك الغضب، وإن كان إثباتهما يقتضي ذلك لزم المحظور
(1)
.
وأما تعليله استحالة اتصاف الله سبحانه بالغضب بكون حقيقته فوران الدم وغليانه لإرادة الانتقام وكون ذلك مما يستحيل عليه فهو تعليل عليل؛ إذ هو لازم له في تأويله له بالإرادة، وبيان ذلك أن "يقال له: والإرادة ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة.
فإن قال: هذه إرادة المخلوق.
قيل له: وهذا غضب المخلوق، وكذلك يلزم بالقول في كلامه، وسمعه، وبصره، وعلمه، وقدرته، إن نفى الغضب والمحبة والرضى ونحو ذلك مما هو من خصائص المخلوقين، فهذا منتفٍ عن السمع والبصر والكلام، وجميع الصفات.
وإن قال: إنه لا حقيقة لهذا إلا ما يختص بالمخلوقين فيجب نفيه عنه. قيل له: وهكذا السمع والبصر والكلام والعلم والقدرة"
(2)
.
وبعد عرض آراء ابن حجر - غفر الله له وعفا عنه - في صفات الله الذاتية والفعلية وتقويمها؛ يتبين سلوكه مسلك الأشاعرة فيها، وتذبذبه بين التأويل والتفويض، وفق ما قرره في مذهبه في الصفات إجمالًا ونقلته عنه في موضعه.
(1)
انظر: التدمرية (ص 31)، الصواعق المرسلة (1/ 234)، توضيح المقاصد لابن عيسى (2/ 47، 59) شرح الكافية الشافية لهراس (1/ 302 - 315).
(2)
التدمرية (ص 32)، وانظر: شرح الطحاوية (2/ 686)، الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية للفياض (ص 95 - 96).