الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالزَّلَفة ويقال للأرض أنبتي ثمرتك وردّي بركتك، قال: فيومئذ يأكل النفر من الرمانة ويستظلون بقحفها، ويبارك الله في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر تكفي الفخذ من الناس، والشاة من الغنم تكفي أهل البيت، قال: فبينا هم على ذلك إذ بعث الله عز وجل ريحًا طيبة تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم، أو قال: كل مؤمن ويبقى شرار الناس، يتهارجون تهارج الحمير، وعليهم أو قال: وعليه تقوم الساعة"
(1)
.
4 - طلوع الشمس من مغربها:
قال ابن حجر رحمه الله: "ثم تطلع الشمس من مغربها، قيل: ردًا على الملحدة، والمنجمة، فإنهم عن آخرهم ينكرون ذلك.
وجاء أنها كلما غربت سجدت تحت العرش، ثم تستأذن في الرجوع فيؤذن لها، ثم في تلك الليلة لا يُرد عليها مرةً بعد أخرى ثلاثًا، فإذا أيست من إدراك المشرق أذن لها، فيؤذن لها في الطلوع من مكانها، وإن تلك الليلة تعدل ثلاث ليال من ليالينا هذه، يعرف ذلك المتنفلون يقوم أحدهم فيقرأ حزبه ثم ينام، ثم يقوم فيقرأ حزبه ثم ينام، فبينما هم كذلك صاح الناس وفزعوا إلى المساجد، فإذا هم بها قد طلعت من مغربها، حتى صارت في وسط السماء رجعت وطلعت من مطلعها
…
فلا يقبل إسلام كافر ولا توبة مخلط
…
وجرى القرطبي على أن عدم قبول ذلك إنما هو في منكر طلوعها من مغربها، وآية {فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} [محمد: 18] وآخر سورة غافر يؤيدان الأول.
وعن ابن عمرو
(2)
رحمه الله: "يبقى الناس بعد ذلك مائة وعشرين سنة".
قيل: إن صح يحتاج إلى تأويل.
وما ورد أن هذه أولى الآيات لا ينافيه رواية أن أولها الدجال؛ لأنه
(1)
سبق تخريجه (ص 512).
(2)
وقع في طبعات القول المختصر كلها بلفظ: "وعن ابن عمر"، والتصحيح من مصادر التخريج كما سيأتي (ص 524).
أول الآيات الأرضية، وهذه أول الآيات السماوية"
(1)
.
التقويم:
طلوع الشمس من مغربها من أشراط الساعة الكبرى بدلالة الكتاب والسنة
(2)
.
قال تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158].
فقد دلت الأحاديث الصحيحة أن المراد ببعض الآيات المذكورة في الآية هو طلوع الشمس من مغربها، وهو قول أكثر المفسرين
(3)
.
وفي حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: "لا تقوم الساعة حتى ترون عشر آيات، وذكر منها: طلوع الشمس من مغربها"
(4)
.
والذي تدل عليه النصوص أن طلوعها في آخر الزمان قرب قيام الساعة، وأنها من آخر الأشراط الكبرى وقوعًا
(5)
.
وما ذكره ابن حجر في صفة طلوعها من مغربها وارد في عدة أحاديث، منها:
حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومًا: "أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم قال: "إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة، فلا تزال كذلك، حتى يقال لها: ارتفعي، ارجعي من حيث جئت، فترجع طالعة من مطلعها، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، ولا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي
(1)
القول المختصر (ص 101 - 103).
(2)
انظر: التذكرة (2/ 585)، النهاية (1/ 214)، القناعة (ص 58)، الإشا عة (ص 248)، الإذاعة (ص 206)، إتحاف الجماعة (3/ 192)، وللاستزادة: أشراط الساعة للوابل (ص 391)، أشراط الساعة للغامدي (2/ 624).
(3)
انظر: تفسير ابن جرير (5/ 405)، تفسير السمعاني (2/ 159)، تفسير البغوي (3/ 207)، تفسير القرطبي (7/ 145)، تفسير ابن كثير (2/ 216).
(4)
سبق تخريجه (ص 500).
(5)
انظر: النهاية (1/ 214)، فتح الباري (11/ 361)، لوامع الأنوار البهية (2/ 142).
ارجعي من حيث جئت، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئًا، حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش، فيقال لها: ارتفعي، أصبحي طالعة من مغربك، فتصبح طالعة من مغربها
…
"
(1)
.
وحديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليأتين على الناس ليلة تعدل ثلاث ليال من لياليكم هذه فإذا كان ذلك يعرفها المتنفلون فإن أحدهم يقوم فيقرأ حزبه ثم ينام، ثم يقوم فيقرأ حزبه ثم ينام، فبينما هم كذلك ماج الناس بعضهم في بعض، فقالوا: ما هذا؟ فيفزعون إلى المساجد فإذا هم بالشمس قد طلعت من مغربها فضج الناس ضجة واحدة حتى إذا صارت في وسط السماء رجعت وطلعت من مطلعها
…
"
(2)
.
وإذا طلعت الشمس من مغربها فإنه لا يقبل الإيمان ممن لم يكن قبل ذلك مؤمنًا، كما لا تقبل توبة العاصي؛ وذلك لأن طلوع الشمس من مغربها آية عظيمة، يراها كل من كان في ذلك الزمان، فتنكشف لهم الحقائق، ويشاهدون من الأهوال ما يلوي أعناقهم إلى الإقرار والتصديق بالله وآياته، وحكمهم في ذلك حكم من عاين بأس الله تعالى؛ كما قال تعالى:{فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)} [غافر: 84 - 85]
(3)
.
(1)
أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء مختصرًا (4/ 2316) برقم (7424)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، مطولًا بهذا اللفظ (1/ 138) برقم (250).
(2)
ذكره السيوطي في الدر المنثور (3/ 392)، وعزاه لعبد بن حميد وابن مردويه، وذكر ابن كثير في النهاية (1/ 219)، والتفسير (2/ 218) إسناد ابن مردويه فقال: "قال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره: حدثنا محمد بن علي بن دحيم، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، حدثنا ضرار بن صرد، حدثنا فضيل، عن سليمان بن يزيد، عن عبد الله بن أبي أوفى
…
فذكره".
وقال عقيبه في التفسير: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وليس هو في شيء من الكتب الستة".
(3)
انظر: التذكرة (2/ 587)، النهاية (1/ 222)، القناعة (ص 61).
وأما ما ذكره ابن حجر عن القرطبي من كون عدم قبول التوبة خاصًا بمنكر ذلك دون غيره فهو باطل؛ لعموم النصوص وعدم المخصص.
وسياق القرطبي لذلك يدل على احتماله له دون قطعه به؛ فإنه قال: "والملحدة والمنجمة عن آخرهم ينكرون ذلك ويقولون: هو غير كائن؛ فيطلعها الله تعالى يومًا من المغرب ليُري المنكرين قدرته أن الشمس في ملكه
…
وعلى هذا يحتمل أن يكون رد التوبة والإيمان على من آمن وتاب من المنكرين لذلك المكذبين لخبر النبي صلى الله عليه وسلم بطلوعها، فأما المصدقون لذلك فإنه تقبل توبتهم وينفعهم إيمانهم قبل ذلك"
(1)
.
وأما ما نقله ابن حجر عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه من كون الناس يبقون بعد طلوع الشمس من مغربها مائة وعشرين سنة واعتراضه عليه بقول الحافظ السخاوي الذي أبهمه بقوله: "وقيل: إن صح يحتاج إلى تأويل".
فقد أخرجه ابن أبي شيبة
(2)
، ونعيم بن حماد
(3)
(4)
من طريق وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي خيثمة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه به.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "رفع هذا لا يثبت، وقد أخرجه عبد بن حميد في تفسيره بسند جيد عن عبد الله بن عمرو موقوفًا، وقد ورد عنه ما يعارضه
…
ويمكن الجواب عنه بأن المدة ولو كانت كما قال عشرين ومائة سنة لكنها تمر مرورًا سريعًا كمقدار مرور عشرين ومائة شهر من قبل ذلك، أو
(1)
التفسير (7/ 148)، وانظر: التذكرة (2/ 588).
(2)
انظر: المصنف (15/ 179).
(3)
هو نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث، أبو عبد الله، الخزاعي المروزي، سلفي محدث، طعن عليه في حفظه، من مؤلفاته: الفتن، والرد على الجهمية، وغيرها، توفي سنة 228 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (10/ 595)، شذرات الذهب (2/ 67).
(4)
انظر: الفتن (2/ 656، 702).